للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا) من خيرٍ أو شرٍّ، وربَّما تعزم على شيءٍ وتفعل خلافَه (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ) كما لا تدري في أيِّ وقتٍ تموت، ورُوِيَ أنَّ ملك الموت مرَّ على سليمان بن داود عليهما الصَّلاة والسَّلام، فجعل ينظر إلى رجلٍ من جلسائه، فقال الرَّجل: من هذا؟ قال: ملك الموت، فقال: كأنَّه يريدني، فَمُرِ الرِّيح أن تحملني وتلقيني بالهند، ففعل، ثمَّ أتى ملكَ الموت سليمانُ، فسأله عن نظره ذلك، قال: كنت متعجِّبًا منه إذ أُمِرت أن أقبض روحه بالهند في آخر النَّهار وهو عندك (وَمَا يَدْرِي أَحَدٌ مَتَى يَجِيءُ المَطَرُ) زاد الإسماعيليُّ: «إلَّا الله» أي: إلَّا عند أمر الله به، فإنَّه يعلم حينئذٍ، وهو يردُّ على القائل: إنَّ لنزول المطر وقتًا معيَّنًا لا يتخلَّف عنه، وعبَّر بالنَّفس في قوله: «وما تدري نفسٌ بأيِّ أرضٍ تموت»، وفي قوله: «ولا تعلم نفسٌ ماذا تكسب غدًا (١)» وفي الثَّلاثة الأخرى بلفظ «أحدٌ» لأنَّ النَّفس هي الكاسبة، وهي الَّتي تموت، قال الله تعالى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ﴾ [المدثر: ٣٨] ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ﴾ [آل عمران: ١٨٥] فلو عبَّر: بـ «أحدٍ» لاحتمل أن يفهم منه: لا يعلم أحدٌ ماذا تكسب نفسه، أو بأيِّ أرضٍ تموت نفسه، فتفوت المبالغة المقصودة بنفي علم النَّفس أحوالها، فكيف غيرها؟! وعَدَل عن لفظ القرآن وهو: ﴿تَدْرِي﴾ إلى لفظ: «تعلم» في «ماذا تكسب غدًا» لإرادة (٢) زيادة المبالغة؛ إذ (٣) نفي العامِّ مستلزمٌ نفيَ الخاصِّ من غير عكسٍ، فكأنَّه قال: لا تعلم أصلًا سواءٌ احتالت أم لا، وبقيَّة مباحث الحديث تأتي إن شاء الله تعالى في «سورة الأنعام» [خ¦٤٦٢٧] والرَّعد [خ¦٤٦٩٧] و «لقمان» [خ¦٤٧٧٧].


(١) «غدًا»: ليس في (ب).
(٢) في (ص): «لإرادته».
(٣) في (م): «أو»، وهو خطأٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>