للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شرطٌ عاديٌّ، فيجوز أن تنخرق العادة خصوصًا له (فَتَنَاوَلْتُ) أي: في حال قيامه الثَّاني من الرَّكعة الثَّانية كما رواه سعيد بن منصورٍ من وجهٍ آخر، عن زيد بن أسلم (عُنْقُودًا) منها، أي: من الجنَّة، أي: وضعت يدي عليه بحيث كنت قادرًا على تحويله، لكن لم يُقدَّر لي قطفه (وَلَوْ أَصَبْتُهُ) أي: لو تمكَّنت من قطفه، وفي (١) حديث عقبة بن عامر عند ابن خزيمة ما يشهد لهذا التَّأويل حيث قال فيه: «أهوى بيده ليتناول شيئًا» (لأَكَلْتُمْ مِنْهُ) أي: من (٢) العنقود (مَا بَقِيَتِ الدُّنْيَا) وجه ذلك أنَّه يخلق الله تعالى مكان كلِّ حبَّةٍ تنقطف حبَّةً أخرى كما هو المرويُّ في خواصِّ ثمر الجنَّة، والخطاب عامٌّ في كلِّ جماعةٍ يتأتَّى منهم السَّماع، والأكل إلى يوم القيامة لقوله: «ما بقيت الدُّنيا»، وسبب تركه تناول العنقود: قال ابن بطَّالٍ: لأنَّه من طعام الجنَّة وهو لا يفنى، والدُّنيا فانيةٌ لا يجوز أن يؤكل فيها ما لا يفنى. وقال صاحب «المُظْهَرِ»: لأنَّه لو تناوله ورآه النَّاس لكان إيمانهم بالشَّهادة لا بالغيب، فيُخْشى أن يقع رفع التَّوبة، قال تعالى: ﴿يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ﴾ [الأنعام: ١٥٨]. وقال غيره: لأنَّ الجنَّة جزاء الأعمال، والجزاء لا يقع إلَّا في الآخرة (وَأُرِيتُ النَّارَ) بضمِّ الهمزة وكسر الرَّاء مبنيًّا للمفعول، وأقيم المفعول -الَّذي هو الرَّائي في الحقيقة- مقام الفاعل، و «النَّار» نصبٌ مفعولٌ ثانٍ لأنَّ «أُرِيتُ» مِن الإراءة، وهو يقتضي مفعولَين، ولغير أبي ذرٍّ -


(١) في غير (د) و (س): «مِن».
(٢) «من»: ليس في (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>