للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فحُذِفَ المضاف وأُقِيم المضاف إليه مقامه، وجازت إضافة الرَّجل والمنظر إلى اليوم لتعلُّقهما به، وملابستهما له باعتبار رؤيتهما فيه. وقال غيره: الكاف هنا: اسمٌ، وتقديره: ما رأيت مثلَ منظر هذا اليوم منظرًا، و «منظرًا» تمييزٌ، ومراده باليوم الوقت الَّذي هو فيه، ذكره الدَّمامينيُّ والبرماويُّ، لكن تعقَّب (١) الدَّمامينيُّ الأخير -وهو قوله: وقال غيره … إلى آخره- بأنَّ اعتباره في الحديث يلزم منه تقدُّم (٢) التَّمييز على عامله، والصَّحيح منعُه، فالظَّاهر في إعرابه أنَّ «منظرًا»: مفعول «أَرَ»، و «كاليومِ»: ظرفٌ مستقرٌّ صفةٌ له، وهو بتقدير مضافٍ محذوفٍ كما تقدَّم، أي: كمنظر اليوم، و «قطُّ»: ظرفٌ لـ «أَرَ»، و «أفظعَ»: حالٌ من اليوم على ذلك التَّقدير، والمفضَّل عليه وجارُه محذوفان، أي: كمنظر اليوم حال كونه أفظعَ من غيره. انتهى. وللحَمُّويي والمُستملي: «فلم أنظر كاليوم قطُّ أفظعَ» (وَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ) استُشكِلَ مع حديث أبي هريرة: «إنَّ أدنى أهل الجنَّة منزلةً مَن له زوجتان من الدُّنيا، ومقتضاه: أنَّ النِّساء ثلثا أهل الجنَّة»، وأُجيبَ بحمل حديث أبي هريرة على ما بعد خروجهنَّ من النَّار، أو أنَّه خرج مخرج التَّغليظ والتَّخويف، وعُورضَ بإخباره بالرُّؤية الحاصلة، وفي حديث جابرٍ: «وأكثر من رأيتُ فيها النِّساء اللَّاتي إِن ائتُمِنَّ أفشين، وإِن سُئِلنَ بخلن، وإن سَأَلن ألحفن، وإن أُعطِين لم يشكرن» فدلَّ على أنَّ المرئيَّ في النَّار (٣) منهنَّ مَن اتَّصف بصفاتٍ ذميمةٍ (قَالُوا: بِمَ يَا رَسُولَ اللهِ؟) أصله: بما، بالألف وحُذِفَت تخفيفًا (قال: بِكُفْرِهِنَّ، قِيلَ: يَكْفُرْنَ بِاللهِ؟) وللأربعة (٤): «أيكفرن بالله؟» بإثبات همزة الاستفهام (قَالَ) : (يَكْفُرْنَ العَشِيرَ) الزَّوج، أي: إحسانه لا ذاته، وعُدِّي الكفر بالله بالباء ولم يُعَدَّ كُفْر العشير بها لأنَّ كفر العشير لا يتضمَّن معنى الاعتراف، ثمَّ فسَّر كفر العشير بقوله: (وَيَكْفُرْنَ الإِحْسَانَ) فالجملة مع الواو مبيِّنةً للجملة الأولى، على طريق: أعجبني زيدٌ وكرمه، وكفرُ الإحسان تغطيتُه (٥) وعدم الاعتراف به، أو جحدُه وإنكاره كما يدلُّ عليه قوله: (لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ


(١) في (م): «تعقَّبه».
(٢) في (ب): «تقديم».
(٣) زيد في (ص): «في الدُّنيا».
(٤) كتب فوقها في (ص) الرُّموز: «ص س ط ٥»، وسبق بيانها في المقدمة.
(٥) في (م): «بتغطيته».

<<  <  ج: ص:  >  >>