للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بفتحها مصدرٌ بمعنى الصِّفة، أو مفعولٌ لمقدَّرٍ (يَخْشَى) أي: يخاف (أَنْ تَكُونَ) في موضع نصبٍ مفعول «يخشى» (السَّاعَةُ) رفعٌ على أنَّ «تكون» تامَّةٌ، أو على أنَّها ناقصةٌ والخبر محذوفٌ، أي: أن تكون السَّاعة قد حضرت، أو نصبٌ على أنَّها ناقصةٌ واسمها محذوفٌ، أي: تكون هذه الآيةُ السَّاعة، أي: علامة حضورها، واستُشكِلَ هذا لكون (١) السَّاعة لها مقدِّماتٌ كثيرةٌ لم تكن وقعت كفتح البلاد، واستخلاف الخلفاء، وخروج الخوارج، ثمَّ الأشراط كطلوع الشَّمس من مغربها، والدَّابة، والدَّجال، والدُّخان، وغير ذلك، وأُجيبَ باحتمال أن يكون هذا قبل أن يُعْلِمَه الله تعالى بهذه العلامات (٢)، فهو يَتوقَّع السَّاعة في (٣) كلِّ لحظةٍ. وعُورِضَ بأنَّ قصَّة الكسوف متأخِّرةٌ جدًّا، فقد تقدَّم أنَّ موت إبراهيم كان في العاشرة كما اتَّفق عليه أهل الأخبار، وقد أخبر النَّبيُّ بكثير من الأشراط (٤) والحوادث قبل ذلك، وقيل: هو من باب التَّمثيل من الرَّاوي كأنَّه قال: فَزِعًا كالخاشي أن تكون القيامة، وإلَّا فهو عالمٌ بأنَّ السَّاعة لا تقوم وهو بين أظهرهم، أو أنَّ الرَّاوي ظنَّ أنَّ الخشية لذلك لقرينةٍ قامت عنده، لكن لا يلزم من ظنِّه أنَّ النَّبيَّ خشي ذلك حقيقةً، قال في «المظهر»: لم يعلم أبو موسى ما في قلبه . انتهى. وأُجِيبَ بأنَّ تحسين الظَّنِّ بالصَّحابيِّ يقتضي أنَّه لا يجزم بذلك إلَّا بتوقيفٍ، وقيل: إنَّه جعل ما سيقع كالواقع إظهارًا لتعظيم شأن الكسوف، وتنبيهًا لأمَّته أنَّه إذا وقع لهم ذلك كيف يخشون (٥) ويفزعون إلى ذكر الله والصَّلاة والصَّدقة ليدفع عنهم البلايا (فَأَتَى المَسْجِدَ، فَصَلَّى بِأَطْوَلِ قِيَامٍ وَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ رَأَيْتُهُ قَطُّ يَفْعَلُهُ) بدون كلمة «ما»، و «قَطُّ» بفتح القاف وضمِّ الطَّاء، لكن لا يقع «قَطُّ» إلَّا بعد الماضي المنفيِّ، فحرف النَّفي هنا مقدَّر كقوله تعالى: ﴿(٦) تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ﴾ [يوسف: ٨٥] أي: لا تفتؤ ولا تزال تذكره تفجُّعًا، فحذف «لا»، أو أنَّ لفظ «أطول» فيه معنى عدم المساواة، أي: بما لم يساوِ قَطُّ قيامًا رأيته يفعله، أو «قَطُّ» بمعنى حَسْبُ، أي: صلَّى في ذلك اليوم فحسب بأطول


(١) في (ب) و (د) و (س): «بكون».
(٢) في (ص) و (م): «العلامة».
(٣) «في»: مثبتٌ من (ص).
(٤) في (د): «الاشتراط»، وهو تحريفٌ.
(٥) في (د): «يخشعون»، وهو تحريفٌ.
(٦) زيد في (د): «تالله».

<<  <  ج: ص:  >  >>