للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فذكر الحديثَ، واحتجَّ الإمام الشَّافعيُّ بقول ابن عبَّاسٍ: «قرأ نحوًا من قراءة سورة البقرة» لأنَّه لو جهر لم يحتج إلى التَّقدير، وعُورِض باحتمال أن يكون بعيدًا منه، وأُجِيبَ بأنَّ الإمام الشَّافعيَّ ذكر تعليقًا عن ابن عبَّاسٍ: «أنَّه صلَّى بجنب النَّبيِّ في الكسوف، فلم يسمع منه حرفًا» ووصله البيهقيُّ من ثلاثة طرقٍ أسانيدها واهيةٌ، وأُجِيبَ -على تقدير صحَّتها- بأنَّ مثبِتَ الجهر معه قدرٌ زائدٌ، فالأخذ به أَولى، وإن ثبت التَّعدُّد فيكون فعل ذلك لبيان الجواز، قال ابن العربيِّ: والجهر عندي أَولى لأنَّها صلاةٌ جامعةٌ، يُنادى لها ويُخطَب، فأشبهت العيد والاستسقاء، وقال أبو يوسف ومحمَّد بن الحسن وأحمد بن حنبل: يجهر فيها، وتمسَّكوا بهذا الحديث (فَإِذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَتِهِ كَبَّرَ فَرَكَعَ، وَإِذَا رَفَعَ) رأسه (مِنَ الرَّكْعَةِ قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ) بالواو (ثُمَّ يُعَاوِدُ القِرَاءَةَ فِي صَلَاةِ الكُسُوفِ، أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ) بنصب «أربعَ» عطفًا على «أربعَ» السَّابق.

(وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ) عبد الرَّحمن بن عَمرو، هو معطوفٌ على قوله: «حدَّثنا ابن نَمِرٍ» لأنَّه مقول الوليد (وَغَيْرُهُ) أي: وقال غيرُ الأوزاعيِّ أيضًا: (سَمِعْتُ) ابن شهابٍ (الزُّهْرِيَّ) فيما وصله مسلمٌ، عن محمَّد بن مهران، عن الوليد بن مسلمٍ، حدَّثنا الأوزاعيُّ، عن الزُّهريِّ (عَنْ عُرْوَةَ) بن الزُّبير بن العوَّام (عَنْ عَائِشَةَ : أَنَّ الشَّمْسَ خَسَفَتْ) بفتح الخاء المعجمة والسِّين (عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ، فَبَعَثَ مُنَادِيًا) يقول: (الصَّلَاةَُ جَامِعَةًٌ) كذا للكُشْمِيْهَنِيِّ، أي: احضُروا الصَّلاة حال كونها جامعة (١)، ورُوِيَ برفعهما مبتدأٌ وخبرٌ (٢)، ولغير الكُشْمِيْهَنِيِّ: «مناديًا بالصَّلاةَُ جامعةًٌ» بإدخال الموحَّدة (٣) مع الوجهين على الحكاية (فَتَقَدَّمَ) (فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ) بنصب «أربعَ» عطفًا على السَّابق، وليس في رواية الأوزاعيِّ تصريحٌ بالجهر. نعم ثبت الجهر في روايته (٤) عند أبي داود والحاكم بلفظ: «قرأ قراءةً طويلةً فجهر بها» (قَالَ الوَلِيد) ثبت: «قال الوليد»


(١) في (م): «جماعةً».
(٢) «مبتدأ وخبر»: سقط من (م).
(٣) في (م): «الموحَّدتين».
(٤) في (ب) و (س): «رواية».

<<  <  ج: ص:  >  >>