للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

«سجدها داود توبةً، ونسجدها شكرًا»، وفي حديث أبي سعيد الخدري عند أبي داود بإسنادٍ صحيحٍ على شرط البخاريِّ: خطبَنا النَّبيُّ يومًا، فقرأ «ص»، فلمَّا مرَّ بالسُّجود تَشَزَّنَّا -بتشديد الزَّاي والنُّون-، أي: تهيَّأنا له، فلمَّا رآنا قال: «إنَّما هي توبةُ نبيٍّ، ولكن قد استعددتم للسُّجود» فنزل وسجد، فيُستحَبُّ السُّجود لـ «ص» في غير الصَّلاةِ لما ذكر، ويحرم فيها لأنَّ سجود الشُّكر لا يُشرَع داخل الصَّلاة، فإنْ سجد (١) فيها عامدًا (٢) عالمًا بتحريمها بطلت صلاته، بخلاف فعلها سهوًا أو جهلًا للعذر، لكنَّه يسجد للسَّهو، ولو سجدها إمامه باعتقادٍ منه كحنفيٍّ لم يتبعه بل يفارقه، أو ينتظره قائمًا، وإذا انتظره لا يسجد للسَّهو على الأصحِّ، قال في «الرَّوضة»: لأنَّ المأموم لا سجود لسهوه، أي: لا سجود عليه في فعلٍ يقتضي سجود السَّهو لأنَّ الإمام يتحمَّله عنه، فلا يسجد لانتظاره، ووجه السُّجود: أنَّه يعتقد أنَّ إمامه زاد في صلاته جاهلًا، وأنَّ سجود السَّهو توجَّه عليهما، فإذا لم يسجد الإمام سجد المأموم، ذكره في «المجموع» وغيره، ووقع عند المؤلِّف في «تفسير سورة ص» من طريق مجاهدٍ قال: سألت ابن عبَّاسٍ: من أين سجدت؟ فقال: أوَما تقرأ ﴿وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ﴾ … ﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾؟ [الأنعام: ٨٤ - ٩٠] ففي هذا (٣) أنَّه استنبط مشروعيَّة السُّجود فيها


(١) غير (ب) و (س): «سجدها».
(٢) في (ب): «عمدًا».
(٣) في (ص): «هذه».

<<  <  ج: ص:  >  >>