للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

منصوبة بلفظ المضارع، ويجوز رفعها (أَوْ سَاقَاهُ) شكٌّ من الرَّاوي، وفي رواية خلَّاد بن يحيى [خ¦٦٤٧١]: «حتَّى ترمَ، أو تنتفخ قدماه (١)» (فَيُقَالُ لَهُ) ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ﴾ [الفتح: ٢] وفي حديث عائشة [خ¦٤٨٣٧]: «لِمَ تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك؟» (فَيَقُولُ: أَفَلَا) الفاء مُسبِّبٌ عن محذوف، أي: أأترك قيامي وتهجُّدي لِما غُفر لي فلا (أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا؟!) يعني: غفران الله لي (٢) سببٌ لأن أقومَ أتهجَّدُ شكرًا له (٣)، فكيف أتركه؟! كأنَّ المعنى: ألا أشكره وقد أنعم عليَّ وخصَّني بخير الدَّارين؟! فإنَّ الشَّكور من أبنية المبالغة يستدعي نعمةً خطيرةً، وتخصيص العبد بالذِّكر مشعرٌ بغاية الإكرام والقرب من الله تعالى، ومن ثمَّ وصفه به في مقام الإسراء، ولأنَّ العبودية تقتضي صحَّة النِّسبة، وليست إلَّا بالعبادة، والعبادة عين الشُّكر.

وفيه أخذ الإنسان على نفسه بالشِّدة في العبادة وإن أضرَّ ذلك ببدنه، لكن ينبغي تقييد ذلك بما إذا لم يفض إلى المَلال؛ لأنَّ حالة النَّبيِّ كانت أكملَ الأحوال، فكان لا يملُّ من العبادة وإن أضرَّ ذلك ببدنه، بل صحَّ أنَّه قال: «وجُعِلَت قرَّة عيني في الصَّلاة» رواه النَّسائيُّ، فأمَّا غيره ؛ فإذا خشي الملل ينبغي له (٤) ألَّا يكدَّ نفسه حتَّى يملَّ، نعم؛ الأخذ بالشدَّة أفضل؛ لأنَّه إذا كان هذا فِعل المغفورِ له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر؛ فكيف بمن جُهِل حاله وأثقلت ظهره الأوزار، ولا يأمن عذاب النَّار؟

ورواة هذا الحديث كوفيُّون، وهو من الرُّباعيَّات، وفيه التَّحديث، والعنعنة، والسَّماع، والقول، وأخرجه أيضًا في «الرَّقاق» [خ¦٦٤٧١] و «التَّفسير» [خ¦٤٨٣٦]، ومسلمٌ في أواخر الكتاب، والتِّرمذيُّ في «الصَّلاة»، وكذا النَّسائيُّ وابن ماجه.


(١) «قدماه»: ليست في (ص) و (م).
(٢) في غير (ب) و (س): «إيَّاي». وكذا في شرح المشكاة.
(٣) في (د): «لله».
(٤) «له»: ليس في (ص).

<<  <  ج: ص:  >  >>