إسماعيل، فأدخلوا إسناد الشَّام في إسناد العراق، وإسناد العراق في إسناد الشَّام، وإسناد الحرم في إسناد اليمن، فما استطاعوا مع ذلك أن يتعلَّقوا عليه بسقطةٍ، لا في الإسناد ولا في المتن.
وقال أبو أحمد بن عديٍّ الحافظ: سمعت عدَّةً من المشايخ يحكون: أنَّ البخاريَّ قدم بغداد، فاجتمع أصحاب الحديث وعمدوا إلى مئة حديثٍ، فقلبوا متونها وأسانيدها، وجعلوا متن هذا الإسناد لإسنادٍ آخر، وإسناد هذا المتن لمتنٍ آخر، ودفعوا إلى كلِّ واحدٍ عشرة أحاديث؛ ليلقوها على البخاريِّ في المجلس امتحانًا، فاجتمع النَّاس من الغرباء من أهل خراسان وغيرهم، ومن البغداديِّين، فلمَّا اطمأنَّ المجلس بأهله انتدب أحدهم، فقام وسأله عن حديثٍ من تلك العشرة، فقال: لا أعرفه، فسأله عن آخر، فقال: لا أعرفه، حتَّى فرغ العشرة، فكان الفقهاء يلتفت بعضهم إلى بعضٍ ويقولون: الرَّجل فَهِم، ومن كان لا يدري قضى عليه بالعجز، ثمَّ انتدب آخر، ففعل كفعل الأوَّل، والبخاريُّ يقول: لا أعرفه إلى أن فرغ العشرة أنفسٍ، وهو لا يزيدهم على: لا أعرفه (١)، فلمَّا علم أنَّهم فرغوا التفت إلى الأوَّل،
(١) سقط من (م) قوله: «إلى أن فرغ العشرة أنفسٍ، وهو لا يزيدهم على: لا أعرفه».