للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ورُدَّ (١) بأنَّه في حديث بُريدة عند التِّرمذيِّ وابن خزيمة في نحو هذه القصَّة: «ما أصابني حدثٌ قطُّ إلَّا توضَّأت عندها»، ولأحمد من حديثه: «إلَّا توضَّأت وصلَّيت ركعتين» فدلَّ على أنَّه كان يُعقب الحدث بالوضوء والوضوء، بالصَّلاة في أيِّ وقتٍ كان (٢) (إِلَّا صَلَّيْتُ) زاد الإسماعيليُّ «لرَبِّي» (بِذَلِكَ الطُّهُورِ) بضمِّ الطَّاء (مَا كُتِبَ لِي أَنْ أُصَلِّيَ) أي (٣): ما قُدِّر عليَّ وهو (٤) أعمُّ من النَّوافل والفرائض، ولأبي ذَرٍّ: «ما كُتِب إليَّ» بتشديد الياء، و «كُتِبَ» على صيغة المجهول، والجملة في موضع نصبٍ، و «أن أصلِّي» في موضع رفعٍ. قال ابن التِّين: إنَّما اعتقد بلال ذلك؛ لأنَّه علم من النَّبيِّ أنَّ الصَّلاة أفضل الأعمال، وأنَّ عمل السِّرِّ أفضل من عمل الجهر، قال في «الفتح»: والذي يظهر: أنَّ المراد بالأعمال الَّتي سأله عن أرجاها: الأعمال المتطوَّع بها، وإلَّا فالمفروض أفضل قطعًا. انتهى. والحكمة في فضل الصَّلاة على هذا الوجه من وجهين: أحدهما: أنَّ الصَّلاة عقب الطُّهور أقرب إلى اليقين منها إذا تباعدت؛ لكثرة عوارض الحدث من حيث لا يشعر المكلَّف، ثانيهما: ظهور أثر الطُّهور باستعماله في استباحة الصَّلاة، وإظهار آثار الأسباب مؤكِّدٌ لها ومحقِّقٌ، وتقدُّمُ بلال بين يدي الرَّسول في الجنَّة على عادته في اليقظة لا يستدعي أفضليته على العشرة المُبشَّرة بالجنَّة، بل هو سَبْقُ خدمةٍ كما يسبق العبد سيِّده. وفيه إشارةٌ إلى (٥) بقائه على ما هو عليه في حال حياته واستمراره على قُرب منزلته، وذلك منقبةٌ عظيمةٌ لبلالٍ، والظَّاهر: أنَّ هذا (٦) الثَّواب وقع بذلك العمل، ولا معارضة بينه وبين ما في حديث: «لن يدخل أحدٌ الجنَّة بعمله» لأنَّ أصل الدُّخول إنَّما يقع برحمة الله تعالى، واقتسام المنازل بحسب الأعمال.


(١) في (ص): «أُجيب».
(٢) قوله: «ونكَّر ساعة لإفادة العموم، … بالوضوء والوضوء بالصَّلاة في أيِّ وقتٍ كان»، سقط من (د) و (م).
(٣) زيد في (د): «الفرائض أو».
(٤) قوله: «وهو» زيادة أليق بالسياق.
(٥) «إلى»: مثبتٌ من (د) و (س).
(٦) «هذا»: ليس في (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>