للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إشباع الكسرة، وقد كان من كرامة الله تعالى لجريجٍ أَنْ أَلْهَمَ الله (١) أمَّه الاقتصاد في الدَّعوة، فلم تقل: اللَّهم امتحنْه، بل (٢) إنَّما قالت: اللَّهم لا تمته حتَّى تريه وجوه المياميس (٣)، فلم تقتضِ الدَّعوة إلَّا كدرًا يسيرًا، بل أعقبت سرورًا كثيرًا (وَكَانَتْ تَأْوِي إِلَى صَوْمَعَتِهِ) امرأةٌ (رَاعِيَةٌ تَرْعَى الغَنَمَ) الضَّأن، فوقع عليها رجلٌ (فَوَلَدَتْ) منه غلامًا (فَقِيلَ لَهَا: مِمَّنْ هَذَا الوَلَدُ؟ قَالَتْ (٤): مِنْ جُرَيْجٍ) صاحب الصَّومعة (نَزَلَ مِنْ صَوْمَعَتِهِ) وأحبلني هذا الولد (قَالَ جُرَيْجٌ) لمَّا بلغه ذلك: (أَيْنَ هَذِهِ) المرأة (الَّتِي تَزْعُمُ أَنَّ وَلَدَهَا لِي؟) ثمَّ (قَالَ) ولابن عساكر: «قالوا (٥)»: (يَا بَابُوسُ) بفتح المُوحَّدة وبعد الألف موحَّدةٌ أخرى مضمومةٌ وبعد الواو السَّاكنة سينٌ مهملةٌ، بوزن فاعول، هو الصَّغير، أو اسمٌ للرَّضيع، أو لذلك الولد بعينه (مَنْ أَبُوكَ؟) أي: خُلِقت مِن ماءِ مَن؟ فأنطق اللهُ الغلامَ آيةً له، و (قَالَ: رَاعِي الغَنَمِ) وسمَّاه أبًا مجازًا أو يكون في شرعهم أنَّه يلحقه. واعلم: أنَّه لمَّا تعارض عند جريجٍ حقُّ الصَّلاة وحقُّ الصِّلة لأمِّه (٦) رجَّح حقَّ الصَّلاة، وهو الحقُّ، لكنَّ حقَّ الصِّلة المرجوح لم يذهب هدرًا؛ ولذا أُجِيبت فيه الدَّعوة اعتبارًا لكونه ترك الصِّلة، وحسُنَت عاقبته، وظهرت كرامته اعتبارًا بحقِّ الصَّلاة، ولم يكن


(١) «الله»: مثبتٌ من (ب) و (س).
(٢) «بل»: ليس في (د) و (س)، وهي مثبتة من (ص).
(٣) في (ص) و (م): «المواميس».
(٤) زيد في (د): «هو».
(٥) في (ص): «فقال»، والمثبت موافقٌ لما في «اليونينيَّة».
(٦) «لأمه»: ليس في (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>