للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَكْرَمَكَ اللهُ) جملةٌ من المبتدأ والخبر، ومثل هذا التَّركيب يُستعمَل عرفًا ويراد به معنى القسم، كأنَّها قالت: أقسم بالله لقد أكرمك الله (فَقَالَ النَّبِيُّ : وَمَا يُدْرِيكِ) بكسر الكاف، أي: من أين علمت (أَنَّ اللهَ أَكْرَمَهُ؟) أي: عثمان، ولأبي ذَرٍّ: «أنَّ الله قد أكرمه» (فَقُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ) مفدًّى، أو أفديك به (يَا رَسُولَ اللهِ، فَمَنْ يُكْرِمُهُ الله؟) إذا لم يكن هو من المكرمين، مع إيمانه وطاعته الخالصة (فَقَالَ) ، وللأَصيليِّ: «قال»: (أَمَّا هُوَ) أي: عثمان (فَقَدْ جَاءَهُ اليَقِينُ) أي: الموت (وَاللهِ إِنِّي لأَرْجُو لَهُ الخَيْرَ) وأمَّا غيره فخاتمة أمره غير معلومةٍ، أهو ممَّن يُرجى له الخير عند اليقين أم لا؟ (وَاللهِ مَا أَدْرِي وَأَنَا رَسُولُ اللهِ مَا يُفْعَلُ بِي) ولا بكم، هو موافقٌ لما في سورة الأحقاف [الآية: ٩] وكان ذلك قبل نزول آية الفتح ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ﴾ [الفتح: ٢] لأنَّ الأحقاف مكيَّةٌ، والفتح مدنيَّةٌ بلا خلافٍ فيهما، وكان أوَّلًا لا يدري؛ لأنَّ الله لم يعلمه، ثم درى بأنْ أعلمه الله (١) بعد ذلك، أو المراد: ما أدري ما يُفعل بي، أي: في الدُّنيا من نفعٍ وضرٍّ (٢)، وإلَّا فاليقين القطعيُّ بأنَّه خير البريَّة يوم القيامة، وأكرم الخلق، قاله القرطبيُّ والبرماويُّ، وقال البيضاويُّ: أي: في الدَّارين على التَّفصيل؛ إذ لا علم بالغيب، ولا لتأكيد النَّفي المشتمل على ما يفعل بي و «ما» إمَّا موصولةٌ منصوبةٌ، أو استفهاميَّةٌ مرفوعةٌ. انتهى. فأصل الإكرام معلومٌ، قال البرماويُّ: وكثير من التَّفاصيل، أي: معلومٌ أيضًا، فالخفيُّ (٣) بعض التَّفاصيل، وأمَّا قول البرماويِّ -كالكِرمانيِّ (٤) والزَّركشيِّ، وسيأتي في سورة الأحقاف-: إنَّها منسوخةٌ بأوَّل سورة (٥) الفتح، تعقَّبه في «المصابيح» بأنَّه خبرٌ،


(١) اسم الجلالة ليس في (م).
(٢) في (ص): «ضرر».
(٣) في (د): «فالخف»، وليس بصحيحٍ، وزيد في (م): «أيضا».
(٤) «كالكِرماني»: سقط من (د).
(٥) «سورة»: ليس في (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>