للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الفحوى؛ لأنَّه إذا ثبت ذلك في الطِّفل الَّذي هو كَلٌّ على أبوَيْه، فكيف لا يثبت في الكبير الَّذي بلغ معه السَّعي، ولا ريب أنَّ التَّفجُّع على فقد الكبير أشدُّ، والمصيبة به أعظم، ولا سيما إذا كان نجيبًا يقوم عن (١) أبيه بأموره، ويساعده (٢) في معيشته، وهذا معلومٌ مشاهدٌ، والمعنى الَّذي ينبغي أن يعلَّل به ذلك قوله: (إِلَّا أَدْخَلَهُ اللهُ الجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إِيَّاهُمْ) قال الكِرمانيُّ وتبعه البرماويُّ: الظَّاهر أنَّ الضَّمير يرجع للمسلم الَّذي تُوفِّي أولاده لا إلى الأولاد، وإنَّما جُمِعَ باعتبار أنَّه نكرةٌ في سياق النَّفي، فيفيد العموم. انتهى. وعلَّله بعضهم بأنَّه لمَّا كان يرحمهم في الدُّنيا، جُوزِيَ بالرَّحمة في الآخرة، وقد تعقَّب الحافظ ابن حجرٍ -وتبعه العلَّامة العينيُّ- الكِرمانيَّ بأنَّ ما قاله غير ظاهرٍ، وأنَّ الظَّاهر رجوعه للأولاد؛ بدليل قوله في حديث عمرو بن عبسة عند الطَّبرانيِّ: «إلَّا أدخله الله برحمته هو وإيَّاهم الجنَّة»، وحديث أبي (٣) ثعلبة الأشجعيِّ: «أدخله الله (٤) الجنَّة بفضل رحمته إياهما»، قاله بعد قوله: «مَن مات له ولدان» فوضح بذلك أنَّ الضَّمير في قوله: «إيَّاهم» للأولاد لا للآباء، أي: بفضل رحمة الله للأولاد، وعند ابن ماجه من هذا الوجه: «بفضل رحمة الله إيَّاهم»، وللنَّسائيِّ من حديث أبي ذَرٍّ: «إلَّا غفر الله لهما بفضل رحمته»، وفي «معجم الطَّبرانيِّ» من حديث حبيبة بنت سهلٍ وأمِّ مبشِّرٍ: «ومَن لم يُكتَب عليه إثمٌ فرحمته أعظم، وشفاعته أبلغ»، وفي «معرفة الصَّحابة» لابن منده، عن شراحيل المنقريِّ: أنَّ رسول الله قال: «مَن تُوفِّي له أولادٌ في سبيل الله دخل بفضل حسبتهم (٥) الجنَّة»، وهذا إنَّما هو في البالغين الَّذين يُقتَلون في سبيل الله، والعلم عند الله تعالى.

ورواة حديث الباب الأربعة بصريُّون، وفيه التَّحديث، والعنعنة، والقول، وأخرجه ابن ماجه في «الجنائز» وكذا النَّسائيُّ.


(١) في (د) و (ص): «على».
(٢) في (د): «ويساعد».
(٣) «أبي»: سقط من (ص) و (م).
(٤) اسم الجلالة «الله»: مثبت من (ب) و (س).
(٥) في (د) و (م): «حسنتهم».

<<  <  ج: ص:  >  >>