بإسقاط «في» فيُرقَم على «في»(لا)، ويُرقَم فوقها إلى جانبها (٥ ص ش ظ) هذا إن وقع الاتِّفاق على سقوطها، فإن كانت عندهم وليست عند الباقين؛ رُقِم رسمه وتُرِك رسمُهم، وكذا إن لم تكن عند واحدٍ وكانت عند الباقين كُتِبَ عليها (لا)، ورُقِمَ فوقها الحرف المصطلح عليه. وما صحَّ عنده سماعه وخالف مشايخ أبي ذرٍّ الثَّلاثة؛ رُقِمَ عليه (٥) وفوقها صحَّ. وإن وافق أحد مشايخه وضعه فوقه، والله تعالى يثيبه على قصده، ويجزل له من المكرمات جوائز رفده، فلقد أبدع فيما رَقَمَ، وأتقن فيما حرَّر وأحكم. ولقد عوَّل النَّاس عليه في روايات «الجامع»؛ لمزيد اعتنائه وضبطه ومقابلته على الأصول المذكورة، وكثرة ممارسته له، حتَّى إنَّ الحافظ شمس الدِّين الذَّهبيَّ حكى عنه: أنَّه قابله في سنةٍ واحدةٍ إحدى عشْرة مرَّةً، ولكونه ممَّن وُصِفَ بالمعرفة الكثيرة والحفظ التَّامِّ للمتون والأسانيد؛ كان الجمال ابن مالكٍ لمَّا حضر عند المقابلة المذكورة إذا مرَّ من الألفاظ ما يتراءى له أنَّه مخالفٌ لقوانين العربيَّة؛ قال للشَّرف اليونينيِّ: هل الرِّواية فيه كذلك؟ فإن أجاب بأنَّه منها؛ شرع ابن مالكٍ في توجيهها حسب إمكانه، ومن ثمَّ وضع كتابه المسمَّى بـ «شواهد التَّوضيح».
ولقد وقفت على فروعٍ مُقابَلَةٍ على هذا الأصل الأَصيل، فرأيت من أجلِّها الفرعَ الجليلَ الذي لعلَّه فاق أصله، وهو الفرع المنسوب للإمام المحدِّث شمسِ الدِّين محمَّد بن أحمد المزِّيِّ الغزوليِّ، وقف التَّنكزيَّة بباب المحروق خارج القاهرة، المُقابَل على فرعَي وقف مدرسة الحاجِّ مالكٍ، وأصل اليونينيِّ المذكور غير مرَّةٍ، بحيث إنَّه لم يغادر منه شيئًا -كما قِيلَ-؛ فلهذا اعتمدت في كتابة متن البخاريِّ في شرحي هذا عليه، ورجعت في شكل (١) جميع الحديث وضبطه إسنادًا ومتنًا إليه، ذاكرًا جميع ما فيه من الرِّوايات، وما في حواشيه من الفوائد المهمَّات.
ثمَّ وقفت في يوم الاثنين ثالث عشر جمادى الأولى، سنة ستَّ عشْرة وتسع مئةٍ، بعد ختمي لهذا الشَّرح على المجلَّد الأخير من أصل اليونينيِّ المذكور، ورأيت بحاشية ظاهر الورقة الأولى منه ما نصُّه: سمعت ما تضمَّنه هذا المجلَّد من «صحيح البخاريِّ»﵁ بقراءة سيِّدنا الشَّيخ الإمام العالم الحافظ المتقن شرف الدِّين أبي الحسين علي بن محمَّد بن أحمد