للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يُمْسَك عنه؛ ليكون أوقع في النُّفوس وأبلغ في الزَّجر (مَنْ لَطَمَ الخُدُودَ) كبقيَّة الوجوه، والخدود، جمع: خدٍّ، قال في «العمدة» (١): وإنَّما جُمِعَ وإن كان ليس للإنسان إلَّا خدان فقط باعتبار إرادة الجمع، فيكون من باب (٢) مقابلة الجمع بالجمع، وإمَّا على حدِّ قوله تعالى: ﴿وَأَطْرَافَ النَّهَارِ﴾ [طه: ١٣٠] وقول العرب: شابتْ مفارقُه وليس إلَّا مفرقٌ واحدٌ (وَشَقَّ الجُيُوبَ) بضمِّ الجيم، جمع: جيبٍ، مِنْ: جابه، أي: قطعه، قال تعالى: ﴿وَثَمُودَ (٣) الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ﴾ [الفجر: ٩] وهو ما يُفتَح من الثَّوب؛ ليدخل فيه الرَّأس للبسه، وفي روايةٍ: «من لَكَمَ» بالكاف، كما في «اليونينيَّة» (٤) (وَدَعَا بِدَعْوَى) أهل (الجَاهِلِيَّةِ) وهي زمان أهل (٥) الفترة قبل الإسلام بأن قال في بكائه ما يقولون ممَّا لا يجوز شرعًا، كـ: واجبلاه، واعضداه، وخصَّ الجيب بالذِّكر في التَّرجمة دون أخويه، تنبيهًا على أنَّ النَّفي الَّذي حاصله التَّبرِّي يقع بكلِّ واحدٍ من الثَّلاثة، ولا يشترط فيه وقوعها معًا، ويؤيِّده روايةٌ لمسلمٍ بلفظ: «أو شق الجيوب، أو دعا … » إلى آخره؛ ولأنَّ شقَّ الجيب أشدُّها قبحًا مع ما فيه من خسارة المال في غير وجهٍ، ويستفاد من قوله في حديث أبي موسى الآتي إن شاء الله تعالى بعد بابٍ «أنا بريءٌ ممَّن برئ منه رسول الله » [خ¦١٢٩٦]: تفسير النَّهي هنا به، وأصل البراءة الانفصالُ من الشَّيء، فكأنَّه توعَّده بأنَّه (٦) لا يُدْخله في شفاعته مثلًا، وهذا يدلُّ على تحريم ما ذكر من شقِّ الجيب وغيره، وكأنَّ السَّبب في ذلك ما تضمَّنه من عدم الرِّضا بالقضاء، فإن وقع التَّصريح باستحلاله مع العلم بتحريم التَّسخُّط (٧) مثلًا بما وقع، فلا مانع من حمل النَّفي على الإخراج من الدِّين (٨)، قاله في «الفتح».


(١) في (ص) و (م): «العدة»، وهو تحريفٌ.
(٢) «بابٌ»: مثبتٌ من (ص).
(٣) «﴿وَثَمُودَ﴾»: سقط من (د).
(٤) قوله: «وفي روايةٍ: من لَكَمَ بالكاف؛ كما في اليونينيَّة»، سقط من (م)، ويقصد «لكم» بدل «لطم».
(٥) «أهل»: مثبتٌ من (ص).
(٦) في (د) و (م): «بأنْ».
(٧) في (ب) و (د): «السُّخط».
(٨) قوله: «ويستفاد من قوله في حديث أبي … على الإخراج من الدِّين»، جاء سابقًا بعد قوله: «واعضداه».

<<  <  ج: ص:  >  >>