للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الَّذي فيه راحة النَّفس، وإطفاء نار الحزن، فإذا قابل فيها سَوْرَة الحزن وهجومه بالصَّبر الجميل، وتحقَّق أنَّه لا خروج له عن قضائه تعالى، وأنَّه يرجع إليه، وعلم يقينًا أنَّ الآجال لا تقديم فيها ولا تأخير، وأنَّ المقادير بيده تعالى، ومنه استحقَّ حينئذٍ جزيل الثَّواب، فضلًا منه تعالى، وعُدَّ من الصَّابرين الَّذين وعدهم الله (١) بالرَّحمة والمغفرة، وإذا جزع ولم يصبر أَثِم وأتعب نفسه، ولم يردَّ من قضاء الله شيئًا، ولو لم يكن من فضل الصَّبر للعبد (٢) إلَّا الفوز بدرجة المعيَّة والمحبَّة ﴿إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ [البقرة: ١٥٣] ﴿وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ﴾ (٣) [آل عمران: ١٤٦] لكفى، فنسأل الله العافية والرِّضا، واعلم أنَّ المصيبة كير العبد الَّذي يُسبك فيها حاصلُه (٤)، فإمَّا أن يخرج ذهبًا أحمر، وإمَّا أن يخرج خبثًا كلَّه، كما قيل:

سبكناه ونحسبه لُجينًا … فأبدى الكير عن خبث الحديد

فإن (٥) لم ينفعه هذا الكير في الدُّنيا فبين يديه الكير الأعظم، فإذا علم العبد أنَّ إدخاله كير الدُّنيا ومسبكها خيرٌ له من ذلك الكير والمسبك، وأنَّه لا بدَّ له (٦) من أحد الكيرين؛ فليعلم قدر نعمة الله عليه في الكير العاجل، فالعبد إذا امتحنه الله بمصيبةٍ (٧) فصبر عند الصَّدمة الأولى فليحمد الله تعالى على (٨) أنْ أهَّلَه لذلك وثبَّته عليه، وقد اختُلِف: هل المصائب مكفِّراتٌ أو


(١) اسم الجلالة «الله» ليس في (س)، وزيد في (د): «تعالى».
(٢) «للعبد»: ليس في (ص) و (م).
(٣) وقع في غير (م): (إنَّ الله يحبُّ الصَّابرين) وهو خلاف التلاوة، وهذه الآية كلها ليست في (م).
(٤) في (ب) و (س): «فيه حاله».
(٥) في (د): «فإذْ».
(٦) «له»: ليس في (م) و (ب).
(٧) في (د): «بمصيبته».
(٨) «على»: ليس في (ص).

<<  <  ج: ص:  >  >>