للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(مِنْ حُسْنِهَا وَتَصَاوِيرَ فِيهَا، فَرَفَعَ) رسول الله (رَأْسَهُ فَقَالَ: أُولَئِكَِ) بكسر الكاف، ويجوز فتحها (إِذَا مَاتَ مِنْهُمُ) وفي نسخةٍ: «فيهم» (الرَّجُلُ الصَّالِحُ) وجواب «إذا» قوله: (بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، ثُمَّ صَوَّرُوا فِيهِ) أي: في المسجد (تِلْكَ الصُّورَةَ) الَّتي مات صاحبها، ولأبي الوقت من غير «اليونينيَّة» (١) «تلك الصُّور» بالجمع، قال القرطبيُّ: وإنَّما صوَّر أوائلُهم الصُّور ليتأنسوا بها، ويتذكَّروا أفعالهم الصَّالحة، فيجتهدون كاجتهادهم، ويعبدون الله عند قبورهم، ثمَّ خلفهم قومٌ جهلوا مرادهم، ووسوس لهم الشَّيطان أنَّ أسلافهم كانوا يعبدون هذه الصُّور ويُعظِّمونها، فحذَّر النَّبيُّ عن مثل ذلك، سدًّا للذَّريعة المؤدِّية إلى ذلك بقوله: (أُولَئِكَِ) بكسر الكاف وفتحها، ولأبي ذَرٍّ: «وأولئك» (شِرَارُ الخَلْقِ عِنْدَ اللهِ) وموضع التَّرجمة قوله: «بنوا على قبره مسجدًا» وهو مؤوَّلٌ على مذمَّة (٢) من اتَّخذ القبر مسجدًا، ومقتضاه التَّحريم، لا سيَّما وقد ثبت اللَّعن عليه، لكن صرَّح الشَّافعيُّ وأصحابه بالكراهة، وقال البندنيجيُّ: المراد أن يُسوَّى القبر مسجدًا، فيصلَّى فيه، وقال: إنَّه يُكرَه أن يُبنى عنده مسجدٌ (٣) فيصلَّى فيه إلى القبر، وأمَّا المقبرة الدَّائرة إذا بُنِيَ فيها مسجدٌ ليُصلَّى فيه، فلم أَرَ فيه (٤) بأسًا؛ لأنَّ المقابر وقفٌ وكذا المساجد (٥)، فمعناهما واحدٌ، قال البيضاويُّ: لمَّا كانت اليهود والنَّصارى يسجدون لقبور الأنبياء تعظيمًا لشأنهم، ويجعلونها قبلةً يتوجَّهون في الصَّلاة نحوها، واتَّخذوها أوثانًا؛ لعنهم النَّبيُّ ومنع المسلمين عن فعل (٦) ذلك، فأمَّا من اتَّخذ مسجدًا في جوار صالحٍ، وقصد التَّبرُّك بالقرب منه لا لقصد التعظيم (٧) ولا للتَّوجُّه إليه؛ فلا يدخل في الوعيد المذكور، وقد ترجم المؤلِّف قبل ثمانية أبوابٍ «باب (٨) ما يُكرَه من اتِّخاذ المساجد على القبور» [خ¦١٣٣٠] ويحتاج إلى الفرق بين التَّرجمتين، فقال ابن رُشَيدٍ:


(١) «من غير اليونينيَّة»: سقط من (م).
(٢) «مذمَّة»: سقط من (م).
(٣) في (د): «أن يبني عنده مسجدًا».
(٤) في (د): «به».
(٥) في غير (د): «المسجد».
(٦) في غير (د): «مثل».
(٧) في غير (د) و (ص): «لا للتَّعظيم»، وزيد في (د) و (م): «له».
(٨) في (ب) و (س): «بباب».

<<  <  ج: ص:  >  >>