للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثواب الله راجيًا (١) صدق موعوده عارفًا أنَّه إن وقع له؛ فهو بتقدير الله تعالى، وإن صُرِفَ عنه فبتقديره تعالى، غير متضجِّرٍ به لو وقع معتمدًا على ربِّه في الحالتين؛ لحديث البخاريِّ والنَّسائيِّ، عن عائشة مرفوعًا: «فليس من رجل يقع الطَّاعون، فيمكث في بلده صابرًا محتسبًا، يعلم أنَّه لا يصيبه إلَّا ما قد (٢) كَتبَ الله له، إلَّا كان له مثل أجر الشَّهيد» [خ¦٣٤٧٤] وجه الدَّليل: أنَّ الصَّابر في الطَّاعون المتَّصف بالصِّفات المذكورة نظير المرابط في سبيل الله، وقد صحَّ أنَّ المرابط لا يُفتَن، ومَن مات بالطَّاعون فهو أَولى، وهل السُّؤال يختصُّ بهذه الأمَّة المحمَّديَّة، أم يعمُّ الأمم قبلها؟ ظاهر الأحاديث التَّخصيص، وبه جزم الحكيم التِّرمذيُّ، وجنح ابن القيِّم إلى التَّعميم، واحتجَّ بأنَّه ليس في الأحاديث ما ينفي ذلك، وإنَّما أخبر النَّبيُّ أمَّته بكيفيَّة امتحانهم في القبور، قال: والَّذي يظهر أنَّ كلَّ نبيٍّ مع أمَّته كذلك، فتُعذَّب كفَّارهم في قبورهم بعد سؤالهم وإقامة الحجَّة عليهم؛ كما يعذبون في الآخرة بعد السُّؤال وإقامة الحجَّة عليهم، وهل (٣) السُّؤال باللِّسان العربيِّ أم بالسِّريانيِّ؟ ظاهر قوله: «ما كنت تقول في هذا الرَّجل؟» إلى آخر الحديث، أنَّه بالعربيِّ، قال شيخنا: ويشهد له ما رويناه من طريق يزيد بن طريفٍ قال: مات أخي فلمَّا أُلحِدَ، وانصرف النَّاس عنه وضعت رأسي على قبره، فسمعت صوتًا ضعيفًا أعرف أنَّه صوت أخي، وهو يقول: الله، فقال له (٤) الآخر: ما دينك؟ قال: الإسلام. ومن طريق العلاء بن عبد الكريم قال: مات رجلٌ، وكان له أخٌ ضعيف البصر، قال أخوه: فدفنَّاه، فلمَّا انصرف النَّاس عنه وضعت رأسي على القبر، فإذا أنا بصوتٍ من داخل القبر، يقول: من ربُّك؟ وما دينك؟ ومن نبيُّك؟ فسمعت صوت أخي وهو (٥) يقول: الله، قال الآخر: فما دينك؟ قال: الإسلام، إلى غير ذلك ممَّا يستأنس به لكونه عربيًا، قال الحافظ ابن حجرٍ: ويحتمل مع ذلك أن يكون خطاب كلِّ أحدٍ بلسانه، قال شيخنا: ويستأنس له بإرسال الرُّسل بلسان قومهم، وعن الإمام البلقينيِّ أنَّه بالسِّريانيَّة، والله أعلم.


(١) في (د): «واجبًا».
(٢) «قد»: ليس في (ص) و (م).
(٣) في (د): «هذا».
(٤) «له»: ليس في (د).
(٥) «وهو»: ليس في (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>