للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

دخول الآباء الجنَّة برحمته (١) الأولاد، وشفاعتهم في آبائهم، على أنَّ أولاد المسلمين في الجنَّة، وبه قطع الجمهور، وشذَّت الجبريَّة فجعلوهم تحت المشيئة، وهذه السُّنَّة تردُّ عليهم، وأجمع عليه (٢) من يُعتَدُّ به، وروى عبد الله بن الإمام أحمد في «زيادات (٣) المسند»: عن عليٍّ مرفوعًا: «إنَّ المسلمين وأولادهم في الجنَّة، وإنَّ المشركين وأولادهم في النَّار»، ثمَّ قرأ: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ﴾ [الطور: ٢١] الآية، وهذا أصحُّ ما ورد في تفسير هذه الآية، وبه جزم ابن عبَّاسٍ، ويستحيل أن يكون الله تعالى يغفر لآبائهم بفضل رحمته إيَّاهم وهم غير مرحومين، وأمَّا حديث عائشة عند مسلمٍ: تُوفِّي صبيٌّ من الأنصار، فقلتُ (٤): طوبى له، عصفورٌ من عصافير الجنَّة، لم يعمل السُّوء، ولم يدركه، فقال النَّبيُّ : «أَوَ غير ذلك يا عائشة، إن الله تعالى خلق للجنة أهلًا، خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم، وخلق للنَّار أهلًا، خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم» فالجواب عنه من وجهين: أحدهما: أنَّه لعلَّه نهاها عن المسارعة إلى القطع من غير أن يكون عندها دليلٌ قاطعٌ على ذلك؛ كما أنكر على سعد بن أبي وقَّاصٍ في قوله: إنِّي لأراه مؤمنًا، فقال: «أو مسلمًا … » الحديث [خ¦٢٧] الثَّاني: أنَّه لعلَّه لم يكن حينئذ اطَّلع على أنَّهم في الجنَّة، ثمَّ أُعلِمَ بعد ذلك، ومحلُّ الخلاف في غير أولاد الأنبياء، أمَّا أولاد الأنبياء؛ فقال المازريُّ: الإجماع متحقِّقٌ (٥) على أنَّهم في الجنَّة.


(١) في (ص) و (م): «برحمة».
(٢) في (ص) و (م): «على ذلك».
(٣) في (د): «زوائد».
(٤) زيد في (ص) و (م): «له».
(٥) في (د): «محقَّقٌ».

<<  <  ج: ص:  >  >>