للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نحو: زيدٌ فمكرمٌ، «فمكرمٌ» (١) لم يجز (٢)، فكذا لا يجوز «الذي يأتيني» إذا قصدتَ به معيَّنًا، لكنَّ «الَّذي يأتيني» عند قصد التَّعيين شبيهٌ في اللَّفظ بـ «الذي يأتيني» عند قصد العموم، فجاز دخول الفاء؛ حملًا للشَّبيه على الشَّبيه، ونظيره قوله تعالى: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللّهِ﴾ [آل عمران: ١٦٦] فإنَّ مدلول: ﴿مَا﴾ معيَّن، ومدلول ﴿أَصَابَكُمْ﴾ ماضٍ، إلَّا أنَّه رُوعِي (٣) فيه الشَّبه اللَّفظيُّ، فشبَّه هذه الآيةَ بقوله: ﴿وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ﴾ [الشورى: ٣٠] فأجرى: «ما» في مصاحبة الفاء مجرى واحدٍ، قاله ابن مالكٍ، قال الطِّيبيُّ في «شرح مشكاته»: هذا كلامٌ متينٌ، لكنَّ جواب الملَكين تفصيلٌ لتلك الرُّؤيا المتعدِّدة (٤) المبهمة، فلا بدَّ من ذكر كلمة التَّفصيل؛ كما في البخاريِّ أو تقديرها، أي: فالفاء جوابُ «أمَّا» (فَيُصْنَعُ بِهِ) ما رأيتَ (٥) من شقِّ شدقه (إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ) لما ينشأ عن تلك الكذبة من المفاسد (وَ) أمَّا (الَّذِي رَأَيْتَهُ يُشْدَخُ رَأْسُهُ) بضمِّ الياء وفتح الدَّال من «يُشدَخُ» مبنيًّا للمفعول، و «رأسُهُ» نائبٌ عن الفاعل (فَرَجُلٌ عَلَّمَهُ اللهُ القُرْآنَ، فَنَامَ عَنْهُ بِاللَّيْلِ) أي: أعرض عن تلاوته (وَلَمْ يَعْمَلْ فِيهِ بِالنَّهَارِ) ظاهره أنَّه يُعذَّب على ترك تلاوة القرآن (٦) باللَّيل، لكن يحتمل أن يكون التَّعذيب على مجموع الأمرين: ترك القراءة وترك العمل (يُفْعَلُ بِهِ) ما رأيت من الشَّدخ (إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ) لأنَّ الإعراض عن القرآن بعد حفظه جنايةٌ عظيمةٌ؛ لأنَّه يوهم أنَّه رأى فيه ما يوجب الإعراض عنه، فلمَّا أعرض عن أفضل الأشياء عوقب في أشرف أعضائه وهو الرَّأس (وَ) أمَّا الفريق (الَّذِي رَأَيْتَهُ فِي الثَّقْبِ) بفتح المثلَّثة، ولأبي ذَرٍّ (٧): «في النَّقب» (فَهُمُ الزُّنَاةُ) وإنَّما قُدِّر بقوله: وأمَّا الفريق؛ لأنَّه


(١) «فمكرمٌ»: ليس في (ص).
(٢) في (د): «يجزم».
(٣) في (د): «راعى».
(٤) في (م): «المتقدِّمة».
(٥) في (ص): «رأيته».
(٦) في (د): «ترك تلاوته».
(٧) في غير (د): «الوقت».

<<  <  ج: ص:  >  >>