قال: ارفعوني، فأسنده رجلٌ إليه (قَالَ لَهُ: مَا لَدَيْكَ؟) أي: ما عندك من الخبر (قَالَ: أَذِنَتْ لَكَ) بالدَّفن مع صاحبيك (يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، قَالَ) زاد في «المناقب»[خ¦٣٧٠٠]: الحمد لله (مَا كَانَ شَيْءٌ أَهَمَّ إِلَيَّ مِنْ ذَلِكَ المَضْجَِعِ) بفتح الجيم وكسرها في «اليونينيَّة»(فَإِذَا قُبِضْتُ) بضم القاف، مبنيًّا للمفعول (فَاحْمِلُونِي، ثُمَّ سَلِّمُوا، ثُمَّ قُلْ): يا ابن عمر (يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ، فَإِنْ أَذِنَتْ لِي فَادْفِنُونِي) بهمزة وصلٍ وكسر الفاء (وَإِلَّا) أي: وإن لم تأذن (فَرُدُّونِي إِلَى مَقَابِرِ المُسْلِمِينَ) جوَّز عمر أن تكون رجعت عن إذنها، واستُنبِطَ منه أنَّ من وعد بعِدَةٍ له الرُّجوع فيها، ولا يُقضى عليه بالوفاء؛ لأنَّ عمر لو علم لزوم ذلك لها (١) لم يستأذن ثانيًا، وأجاب مَن قال بلزوم العِدَة بحمل ذلك من عمر على الاحتياط والمبالغة في الورع؛ ليتحقق طيب نفس عائشة بما أذنت فيه أوَّلًا؛ ليضاجع أكمل الخلق ﷺ على أكمل الوجوه. انتهى. وهذا كلُّه بناءً على القول بأنَّ عائشة كانت تملك أصل رقبة البيت، والواقع بخلافه؛ لأنَّها إنَّما كانت تملك المنفعة بالسُّكنى والإسكان فيه، ولا يورَث عنها، وحكم أزواجه ﵊ كالمعتدَّات؛ لأنهنَّ لا يتزوَّجن بعده ﵊، ودخل الرِّجال على عمر ﵁، فقالوا: أوصِ يا أمير المؤمنين، استخلف، فقال:(إِنِّي لَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَحَقَّ بِهَذَا الأَمْرِ) أمر الخلافة (مِنْ هَؤُلَاءِ النَّفَرِ الَّذِينَ تُوُفِّي رَسُولُ اللهِ ﷺ وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ) جملة حاليَّةٌ (فَمَنِ اسْتَخْلَفُوا) أي: من استخلفه هؤلاء النَّفر (بَعْدِي فَهُوَ الخَلِيفَةُ) المستحقُّ لها (فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا، فَسَمَّى) ستَّةً من النَّفر الَّذين تُوفِّي رسول الله ﷺ وهو عنهم راضٍ: (عُثْمَانَ، وَعَلِيًّا، وَطَلْحَةَ، وَالزُّبَيْرَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، وَسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ) ولم يذكر: أبا عبيدة؛ لأنَّه كان قد مات، ولا سعيدَ بن زيدٍ؛ لأنَّه كان غائبًا، وقال في «فتح الباري»: لأنَّه كان ابن عمِّ عمر، فلم يذكره مبالغةً في التَّبرِّي من الأمر، نعم في رواية المدائنيِّ: أنَّ عمر عدَّه فيمن تُوفِّي