للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بل مبتدأٌ مذكور الخبر، وساغ الابتداء به وإن كان نكرةً؛ لأنَّه موصوفٌ بصفةٍ ترشد إليها «ما» الزَّائدة، والخبر هو قوله «له»، وأمَّا قوله (١): أي: له حاجةٌ يسيرةٌ، و «ما» للتَّقليل، فليس كذلك، بل «ما» الزَّائدة منبهة على وصفٍ لائقٍ بالمحلِّ، واللَّائق هنا أن يُقدَّر «عظيمٌ» لأنَّه سأل عن عملٍ يدخله (٢) الجنة، ولا أعظم من هذا الأمر على أنَّه يمكن أن يكون له وجهٌ (٣)، ورُوِي: «أرِبَ» بكسر الرَّاء وفتح المُوحَّدة بلفظ الماضي، كـ «عَلِمَ» أي: احتاج فسأل لحاجته (٤) أو تفطَّن لِمَّا سأل عنه وعقل، يُقال: «أرِب» إذا عقل، فهو أريبٌ، وقِيلَ: تعجَّب من حرصه وحسن فطنته، ومعناه: لله درُّه، وقِيلَ: هو دعاءٌ عليه، أي: سقطت آرابه، وهي أعضاؤه (٥)، كما قالوا: تربت يمينه، وليس على معنى الدُّعاء، بل على عادة العرب في استعمال (٦) هذه الألفاظ، ورُوِيَ «أرِبٌ» بكسر الرَّاء مع التَّنوين، مثل: «حَذِرٍ» أي: حاذقٌ فَطِنٌ يسأل عمَّا يعنيه، أي: هو أرِبٌ، فحُذِف المبتدأ، ثمَّ قال: «ما له»؟ أي: ما شأنه؟ قال في «الفتح»: ولم أقف على صحَّة هذه الرِّواية، ورُوِيَ «أَرَبَ» بفتح الجميع، رواه أبو ذَرٍّ، قال القاضي عياضٌ: ولا وجه له. انتهى. وقد وقعت في «الأدب» [خ¦٥٩٨٣] من طريق الكُشْمِيْهَنِيِّ، كما قاله الحافظ ابن حجرٍ (تَعْبُدُ اللهَ وَلَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا) ولابن عساكر: «تعبد الله لا تشرك به شيئًا» بإسقاط الواو (وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ) تحسن لقرابتك، وخصَّ به هذه الخصلة نظرًا إلى حال السَّائل، كأنَّه كان قطَّاعًا للرَّحم فأمره به؛ لأنَّه المهمُّ بالنِّسبة إليه، وعطف الصَّلاة وما بعدها على سابقها، من عطف الخاصِّ على العامِّ، إذ العبادة تشمل ما بعدها، ودلالة هذا الحديث على الوجوب فيها غموضٌ، وأُجيب بأنَّ سؤاله عن العمل الذي يُدخل الجنَّة يقتضي أَلَّا يُجاب بالنَّوافل قبل الفرائض، فيُحمَل على الزَّكاة الواجبة، وبأنَّ الزَّكاة قرينة الصَّلاة المذكورة مقارنة للتَّوحيد،


(١) «وأمَّا قوله»: ليس في (ص).
(٢) في (د): «يُدخِل».
(٣) في (م): «درجة».
(٤) في (د): «لحاجةٍ».
(٥) في (د): «وقيل: أعضاؤه».
(٦) في (د): «استعمالهم».

<<  <  ج: ص:  >  >>