للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الزَّكاة ﴿كَمَثَلِ جَنَّةٍ﴾ (١) خبر المبتدأ الذي هو ﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ﴾ كمثل بستانٍ (٢) بموضعٍ مرتفعٍ من الأرض، فإنَّ شجره يكون أحسن منظرًا وأزكى ثمرًا، أصاب الجنَّة مطرٌ عظيم القطر، فأعطت ثمرتها ضعفين أو مرَّتين في سنةٍ بالنِّسبة إلى غيرها من البساتين ﴿فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ﴾ أي: فيصيبها مطرٌ صغير القطر، أو فَطَلٌّ يكفيها لكرم منبتها وبرودة هوائها لارتفاع مكانها؛ يعني: نفقاتهم زاكيةٌ عند الله وإن كانت متفاوتةً (٣) بحسب أحوالهم؛ كما أنَّ الجنَّة تثمر، قلَّ المطر أو كثر (وَإِلَى قَوْلِهِ) تعالى: (﴿مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ﴾ (٤) [البقرة: ٢٦٦]) ولأبي ذَرٍّ: «﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ﴾ إلى قوله: ﴿فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ﴾» كأنَّ البخاريَّ أتبع الآية الأولى التي ضُرِبت مَثَلًا بالرَّبوة (٥)، بالآية الثَّانية (٦) التي تضمَّنت ضرب المَثَل لمن عمل عملًا يَفقِده أحوجَ ما كان إليه للإشارة إلى اجتناب الرِّياء في الصَّدقة، ولأنَّ قوله تعالى: ﴿وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ [البقرة: ٢٦٥] يُشعِر بالوعيد بعد الوعد، فأوضحه بذكر الآية الثَّانية، وكأنَّ هذا هو السِّرُّ في اقتصاره على بعضها اختصارًا.


(١) في حاشية (د): (هذا مَثَلٌ ضربه الله لحال المؤمن المخلص في نفقته، قليلةً أو كثيرةً؛ بحبِّةٍ بُذِرَت في أرضٍ طيِّبةٍ، فإنَّها لا تتخلَّف من الإنبات، سواءٌ قلَّ المطر أو كَثُرَ).
(٢) في حاشية (د): (قال الفرَّاء: إن كان في البستان نخلٌ فهو جنَّةٌ، وإن كان فيه كَرْمٌ فهو فردوسٌ. بغويٌّ).
(٣) في (ص): «تتفاوت».
(٤) في (ج): ﴿مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ﴾.
(٥) في (م): «بالزَّكاة»، والمثبت موافقٌ لما في «الفتح» (٣/ ٣٣٣).
(٦) في حاشية (د): (وفي الآية الثَّانية مَثَلٌ ضربه الله تعالى لعمل المنافق والمرائي يقول: عمله في الحسن؛ كحسن جنَّةٍ يُنتفَع به؛ كما ينتفع صاحب الجنَّة بالجنة، فإذا كبر وضعف وصار له أولادٌ ضعافٌ؛ أصاب جنَّته إعصارٌ فيه نارٌ فاحترقت أحوج ما يكون إليها وضَعُف عن إصلاحها؛ لكبره وضَعْفِ أولاده عن إصلاحها؛ لصغرهم، فلم يجد ما يعود به على أولاده، ولا أولادُه ما يعودون به عليه، فبقوا جميعًا متحيِّرين عجزةً لا حيلة لهم، كذلك يُبطل الله عمل هذا المنافق حين لا مغيث لهما ولا توبة ولا إقالة. بغويٌّ).

<<  <  ج: ص:  >  >>