للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

«ما تنفق» (يَمِينُهُ) وهذا -كما قاله ابن بطَّال- مثالٌ ضربه في المبالغة في الاستتار بالصَّدقة؛ لقرب الشِّمال من اليمين، وإنَّما أراد: أن (١) لو قَدِرَ ألَّا يعلم من يكون على شماله من النَّاس، نحو: ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ﴾ [يوسف: ٨٢] لأنَّ الشِّمال لا تُوصَف بالعلم، فهو من باب مجاز الحذف، وألطف منه ما قاله ابن المُنيِّر: أن يُراد لو أمكن أن يخفي صدقته عن نفسه لفعل، فكيف لا يخفيها عن غيره؟ والإخفاء عن النَّفس يمكن باعتبارٍ، وهو أن يتغافل المتصدِّق عن الصَّدقة ويتناساها حتَّى ينساها، وهذا ممدوح الكرام (٢) شرعًا وعُرفًا.

(وقوله) ﷿: (﴿إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ﴾) فنِعْمَ شيئًا إبداؤها (﴿وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء﴾) أي: تعطوها مع الإخفاء (﴿فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ﴾ الاية [البقرة: ٢٧١]) فالإخفاء خيرٌ لكم، وهذا في التَّطوُّع (٣) ولمن لم (٤) يُعرَف بالمال، فإنَّ إبداء الفرض لغيره أفضل لنفي التُّهم، ولغير أبي ذرٍّ: «وقال الله تعالى: ﴿وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ﴾»، ولم يذكر هنا


(١) «أن»: ليس في (د).
(٢) في (د): «للكرام».
(٣) في (ص): «المتطوِّع».
(٤) في (د): «لا».

<<  <  ج: ص:  >  >>