للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أقلعت عنه سريعًا (اسْتَقْبَلَتْ عَيْنَ الشَّمْسِ) تستمرئ بذلك ما أكلت وتجترُّه (فَثَلَطَتْ) بفتح المُثلَّثة واللَّام، أي: ألقت السِّرقين سهلًا رقيقًا (وَبَالَتْ) فيزول عنها الحبط، وإنَّما تُحبَط الماشية؛ لأنَّها تمتلئ بطونها ولا تثلط ولا تبول، فتنتفخ بطونها (١) فيعرض لها المرض فتهلك (وَرَتَعَتْ) اتَّسعت في المرعى، وهذا مَثَلُ المقتصد في جمع الدُّنيا المؤدِّي حقَّها، النَّاجي من وبالها؛ كما نجت (٢) آكلة الخضر الذي ليس من أحرار البقول وجيِّدها التي ينبتها الرَّبيع بتوالي أمطاره، فتحسن وتنعم، ولكنَّه من البقول التي ترعاها المواشي بعد هيج البقول ويبسها حيث لا تجد سواها، فلا ترى الماشية تُكثِر من أكلها ولا تستمريها، وقِيلَ: الرَّبيع قد يُنبِت أحرار العشب والكلأ، فهي كلُّها خيرٌ في نفسها، وإنَّما يأتي الشَّرُّ من قِبَلِ آكلٍ مستلذٍّ مُفْرِطٍ منهمكٍ فيها، بحيث تنتفخ أضلاعه منه وتمتلئ خاصرتاه ولا يقلع عنه فيهلكه سريعًا، فهذا مَثَلٌ للكافر، ومن ثمَّ أكَّد القتل بالحَبط، أي: يقتل قتلًا حبطًا، والكافر: هو الذي تُحبَط أعماله، أو من قِبَلِ (٣) آكلٍ كذلك، فيشرفه إلى الهلاك، وهذا مثالٌ للمؤمن الظَّالم لنفسه المنهمك في المعاصي، أو من آكلٍ مسرفٍ (٤) حتَّى تنتفخ خاصرتاه، ولكنَّه يتوخَّى إزالة ذلك ويتحيَّل في دفع مضرَّته حتَّى يهضم ما أكل، وهذا مثال المقتصد، أو من آكلٍ غير مفرطٍ ولا مسرفٍ، يأكل منها ما يسدُّ جوعه ولا يسرف فيه حتَّى يحتاج إلى دفعه، وهذا مثال السَّابق الزَّاهد في الدُّنيا الرَّاغب في الآخرة، لكنَّ هذا ليس صريحًا في الحديث، لكنَّه ربَّما


(١) في (د): «فينتفخ بطنها».
(٢) في (د): «تحبُّ»، وهو تصحيفٌ.
(٣) في (د): «قبيل».
(٤) في (د): «بسرفٍ».

<<  <  ج: ص:  >  >>