للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يلازم المسؤولَ حتَّى يعطيه، من قولهم: لحفني من فضل لحافه، أي: أعطاني من فضل ما عنده، ومعناه: أنَّهم لا يسألون، وإن سألوا عن ضرورةٍ لم يلحُّوا، وقِيلَ: هو نفيٌّ للسُّؤال والإلحاح، كقوله:

على لاحبٍ لا يُهتَدى بمنارهِ

فمراده لا منار ولا اهتداء (١) به، ولا ريب أنَّ نفي السُّؤال والإلحاح أدخل في التَّعفُّف (وَكَمِ الغِنَى) أي: مقداره المانع للرَّجل من السُّؤال، وليس في الباب ما فيه تصريحٌ بالقدر، إمَّا لكونه لم يجد ما هو على شرطه، أو اكتفاءً بما يُستفاد من قوله في الحديث الآتي -إن شاء الله تعالى-[خ¦١٤٧٩]: «ولا يجد» أي (٢): الرَّجل «غنًى يغنيه». وعن سهل ابن الحنظليَّة مرفوعًا: «من سأل وعنده ما يغنيه، فإنَّما يستكثر من النَّار»، قال النُّفيليُّ (٣) -أحد رواته- قالوا: وما الغنى الذي لا ينبغي معه المسألة؟ قال: «قدر ما يُغدِّيه (٤) ويعشِّيه»، رواه أبو داود، وعند ابن خزيمة: «أن يكون له شبعُ يومٍ وليلةٍ أو ليلةٍ ويومٍ»، قال الخطَّابيُّ: اختلف النَّاس في تأويل حديث سهلٍ، فقِيلَ: من وجد غداء يومه وعشاءه، لم تحلَّ له المسألة على ظاهر الحديث، وقِيلَ: إنَّما هو فيمن وجد غداءً وعشاءً على دائم الأوقات، فإذا كان عنده ما يكفيه لقوته المدَّة الطَّويلة، حَرُمَت عليه المسألة، وقِيلَ: إنَّه منسوخٌ بالأحاديث التي فيها تقدير الغنى بملك خمسين درهمًا أو قيمتها، أو بملك أوقيةٍ أو قيمتها، وعُورِض بأنَّ ادِّعاء النَّسخ مشتركٌ بينهما؛ لعدم العلم بسبق أحدهما على الآخر. (وَقَوْلِ النَّبِيِّ ) بجرِّ «قولِ» أي: في حديث أبي


(١) في (ص) و (م): «المنار والاهتداء».
(٢) «أي»: ليس في (د).
(٣) في (د): «العقيليُّ»، وهو تحريفٌ.
(٤) في غير (د) و (س): «يغذِّيه»، وهو تصحيفٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>