للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ) ظاهره أنَّه يُخرِج من أيِّهما شاء صاعًا، ولا يجزئ غيرهما، وبذلك قال ابن حزمٍ، لكن ورد في رواياتٍ أخرى ذكرُ أجناسٍ أُخَر، تأتي -إن شاء الله تعالى-[خ¦١٥٠٦] (عَلَى العَبْدِ وَالحُرِّ) وظاهره أنَّ العبد يُخرِج عن نفسه، وهو قول داود الظَّاهريِّ منفردًا به، ويردُّه قوله : «ليس على المسلم في عبده صدقةٌ إلَّا صدقة الفطر»، وذلك يقتضي أنَّها ليست عليه، بل على سيِّده، وقال القاضي البيضاويُّ: وجعل وجوب زكاة الفطر على السَّيِّد كالوجوب على العبد مجازًا، إذ ليس هو أهلًا لأن (١) يُكلَّف بالواجبات الماليَّة، ويؤيِّد ذلك عطف «الصَّغير» عليه (وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى) والخنثى (وَالصَّغِيرِ) أي: وإن كان يتيمًا، خلافًا لمحمَّد بن الحسن وزُفَر (وَالكَبِيرِ مِنَ المُسْلِمِينَ) دون الكفَّار؛ لأنَّها طهرةٌ والكفَّار ليسوا من أهلها، نعم؛ لا زكاة على أربعةٍ: من لا يفضل عن منزله، وخادمٌ يحتاج إليهما ويليقان به، وعن قوته وقوت من تلزمه نفقته ليلة العيد ويومَه ما يخرجه فيها، وامرأةٌ غنيَّةٌ لها زوجٌ معسرٌ وهي في طاعته، فلا يلزمها إخراج فطرتها، بخلاف ما إذا لم تكن في طاعته، وبخلاف الأَمَة فإنَّ فطرتها تلزم سيِّدها، والفرق تسليم الحرَّة نفسها، بخلاف الأمة؛ بدليل أنَّ لسيِّدها أن يسافر بها ويستخدمها، والمكاتب لا تجب فطرته عليه لضعف ملكه، ولا على سيِّده؛ لأنَّه معه كالأجنبيِّ والمغصوب أو الآبق؛ لتعطُّل فائدتهما على السَّيِّد؛ لكنَّ الأصحَّ وجوبُ الإخراج عليه عنهما تبعًا لنفقتهما، وعن منقطع الخبر إذا لم تمضِ مدَّةٌ لا يعيش في مثلها؛ لأنَّ الأصل بقاؤه حيًّا، فإن مضت مدَّةٌ لا يعيش في مثلها؛ لم تجب فطرته، ويُستثنَى أيضًا عبد بيت المال، والعبد الموقوف فلا تجب فطرتهما؛ إذ ليس لهما مالكٌ مُعيَّنٌ يُلزَم بها (وَأَمَرَ) (بِهَا) أي بالفطرة (أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ) أي: صلاة العيد.

تنبيهٌ: قوله: «من المسلمين» ذكر غيرُ واحدٍ أنَّ مالكًا تفرَّد بها من بين الثِّقات، وفيه نظرٌ، فقد رواها جماعةٌ ممَّن يُعتمَد على حفظهم، منهم: عمر بن نافعٍ، والضَّحَّاك بن عثمان، وكثير ابن فَرْقَدٍ، والمُعلَّى بن إسماعيل، ويونس بن يزيد، وابن أبي ليلى، وعبد الله بن عمر العمريُّ، وأخوه عبيد الله بن عمر، وأيُّوب السَّختيانيُّ على اختلافٍ عنهما في زيادتها، فأمَّا رواية عمر بن نافعٍ؛ فأخرجها البخاريُّ في «صحيحه» [خ¦١٥٠٣] وأمَّا رواية الضَّحَّاك بن عثمان؛ فأخرجها مسلمٌ في «صحيحه»، وأمَّا رواية كثير بن فَرْقَدٍ؛ فرواها الدَّارقطنيُّ في «سننه» والحاكم، وأمَّا رواية المُعلَّى


(١) في (د): «بأن».

<<  <  ج: ص:  >  >>