للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فاتَّخذ بحيال قَرْنٍ ذاتَ عِرْقٍ. انتهى. نعم روى مسلمٌ في «صحيحه» عن أبي الزُّبير: أنَّه سمع جابر بن عبد الله يُسأَل عن المُهَلِّ، فقال: سمعت -أحسبه رَفَعَ الحديث إلى رسول الله … فذكر الحديث، وفيه: «ومُهَلُّ أهل العراق ذات عِرْقٍ» لكن قال النَّوويُّ في «شرح مسلمٍ»: إنَّه غير ثابتٍ لعدم جزمه برفعه، وأُجيب بأنَّ قوله: «أحسبه» معناه: أظنُّه، والظَّنُّ في باب الرِّواية يتنزَّل (١) منزلة اليقين، وليس ذلك قادحًا في رفعه، وأيضًا فلو لم يصرِّح برفعه لا يقينًا ولا ظنًّا فهو مُنزَّلٌ منزلة المرفوع (٢) لأنَّ هذا لا يُقال من قِبَل الرَّأي، وإنَّما يُؤخَذ توقيفًا من الشَّارع، لا سيَّما وقد ضمَّه جابرٌ إلى المواقيت المنصوص عليها يقينًا باتِّفاقٍ، وقد أخرجه أحمد من رواية ابن لهيعة، وابن ماجه من رواية إبراهيم بن يزيد، كلاهما عن أبي الزُّبير فلم يشكَّا في رفعه (٣)، ووقع في حديث عائشة عند أبي داود والنَّسائيِّ بإسنادٍ صحيحٍ -كما قاله النَّوويُّ-: «أنَّ رسول الله وقَّت لأهل العراق ذات عرقٍ»، لكنَّ الإمام أحمد كان ينكر على أفلح بن حُمَيْدٍ هذا الحديث. نعم قال ابن عديٍّ: قد حدَّث عنه ثقات النَّاس، وهو عندي صالحٌ، وأحاديثه مستقيمةٌ كلُّها، وصحَّحه الذَّهبيُّ، وقال العراقيُّ: إنَّ إسناده جيِّدٌ، وروى أحمد والدَّارقطنيُّ من حديث الحجَّاج بن أرطاة عن عمرو بن شعيبٍ عن أبيه عن جدِّه قال: «وقَّت رسول الله … » فذكر الحديث، وفيه: وقال: «لأهل العراق ذات عِرْقٍ»، فهذه الأحاديث وإن كان في كلٍّ منها ضعفٌ فمجموعها لا يقصر عن درجة الاحتجاج به، وأمَّا ما أخرجه أبو داود والتِّرمذيُّ عن ابن عبَّاسٍ: «أنَّ النَّبيَّ وقَّت لأهل المشرق العقيق» فقد تفرَّد به يزيد بن أبي زيادٍ، وهو ضعيفٌ باتِّفاق المحدِّثين (٤) وإن كان حَفِظَهُ فقد يُجمَع بينه وبين بقيَّة الأحاديث في التَّوقيت من ذات عرقٍ بأنَّ ذات عرقٍ ميقات الإيجاب، والعقيق ميقات الاستحباب، فالإحرام منه أفضل وأحوط لأنَّه أبعد من (٥) ذات عرقٍ، فإن جاوزه وأحرم من ذات


(١) في (د): «ينزل».
(٢) في (د): «فهو بمنزلة المرفوع».
(٣) «فلم يشكَّا في رفعه»: سقط من (د).
(٤) في (ص): «الحفَّاظ».
(٥) في (د): «عن».

<<  <  ج: ص:  >  >>