للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإنَّها (١) لو وجبت لبيَّنها النَّبيُّ ، وهذا موضع بيانها، وقال الحنفيَّة: عليه الفدية كما إذا احتاج إلى حلق الرَّأس يحلقه ويفدي، وقال الحنابلة: ومن لم يجد إزارًا لبس سراويل، ومتى وجد إزارًا خلعه، أو نعلين لبس خفَّين ويحرم قطعها، واستدلُّوا بحديث ابن عبَّاسٍ وجابرٍ في «الصَّحيح»: «من لم يجد نعلين فليلبس خفَّين» [خ¦٥٨٠٤] وليس فيه ذكر القطع، وقالوا: قطعهما إضاعة مالٍ، قالوا (٢): وإنَّ حديث ابن عمر المصرِّح بقطعهما منسوخٌ، وأُجيب بأنَّه لا يرتاب أحدٌ من المحدِّثين أنَّ حديث ابن عمر أصحُّ من حديث ابن عبَّاسٍ لأنَّ حديث ابن عمر جاء بإسنادٍ وُصِف بأنَّه أصحُّ الأسانيد، واتَّفق عليه عن ابن عمر غيرُ واحدٍ من الحفُّاظ، منهم: نافعٌ وسالمٌ بخلاف حديث ابن عبَّاسٍ فلم يأتِ مرفوعًا إلَّا من رواية جابر بن زيدٍ (٣) عنه، وبأنَّه يجب حمل حديث ابن عبَّاسٍ وجابرٍ على حديث ابن عمر لأنَّهما مطلقان، وفي حديث ابن عمر زيادةٌ لم يذكراها يجب الأخذ بها، وبأنَّ إضاعة المال إنَّما تكون في المنهيِّ عنه لا فيما أُذِن فيه، والأمر في قوله: «فليلبس الخفَّين» للإباحة لا للوجوب، والسِّرُّ في تحريم المخيط وغيره ممَّا ذكر مخالفةُ العادة والخروج عن المألوف لإشعار النَّفس بأمرين: الخروج عن الدُّنيا والتَّذكُّر للبس الأكفان عند نزع المخيط وتنبيهها (٤) على التَّلبُّس بهذه العبادة العظيمة بالخروج عن معتادها، وذلك موجبٌ للإقبال (٥) عليها والمحافظة على قوانينها وأركانها وشرائطها وآدابها (٦).

(وَلَا تَلْبَسُوا) بفتح أوَّله وثالثه (مِنَ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ) بالتَّعريف، ولأبي ذرٍّ: «زعفرانٌ» قال الزَّركشيُّ: بالتَّنوين لأنَّه ليس فيه إلَّا الألف والنُّون فقط، وهو لا يمنع الصَّرف، فلو سَمَّيت به امتنع (أَوْ وَرْسٌ) بفتح الواو وسكون الرَّاء بعدها سينٌ مُهمَلةٌ: نبتٌ أصفر مثل نبات السِّمسم، طيِّب الرِّيح يُصبَغ به، بين الحمرة والصُّفرة (٧)، أشهر طِيبٍ في بلاد اليمن؛ لكن


(١) في غير (ص) و (م): «لأنَّها».
(٢) «قالوا»: ليس في (د) و (م).
(٣) في (د): «يزيد»، وهو تحريفٌ.
(٤) في (د): «وتنبيهًا».
(٥) في (م): «يوجب الإقبال».
(٦) في (م): «آدائها».
(٧) في (ب) و (س): «الصفرة والحمرة».

<<  <  ج: ص:  >  >>