للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الكوفيُّون فعندهم في ذلك تفصيلٌ: وهو أنَّ الحدث إمَّا أن يكون مستغرقًا للزَّمان (١) فيرفع ولا يجوز فيه النَّصب، أو غير مستغرقٍ فمذهب هشامٍ أنَّه يجب فيه الرَّفع، فنقول: ميعادك يومٌ وثلاثة أيَّامٍ، وذهب الفرَّاء إلى جواز النَّصب والرَّفع كالبصريِّين، ونُقِل عن الفرَّاء في هذا الموضع: أنَّه لا يجوز نصب «الأشهُر» لأنَّ «أشهرًا» (٢) نكرةٌ غير محصورةٍ، وهذا النَّقل مخالفٌ لما نُقِل عنه، فيمكن أن يكون له قولان: قولٌ كالبصريِّين، والآخر كهشامٍ. انتهى. وقال الشَّيخ أبو إسحاق في «المُهذَّب»: المراد: وقت إحرام الحجِّ لأنَّ الحجَّ لا يحتاج إلى أشهرٍ، فدلَّ على أنَّ المراد وقت الإحرام به، و «الأشهر»: جمع شهرٍ (٣)، وليس المراد منه ثلاثة أشهرٍ كوامل، ولكنَّ المراد: شهران وبعض الثَّالث، فهو من إطلاق الكلِّ وإرادة البعض كما حكى الفرَّاء: له اليومَ يومانِ لم أَرَهُ، قال: وإنَّما هو يومٌ وبعضُ يومٍ آخرَ، وحُكِي عن العرب: ما رأيته من (٤) خمسة أيَّامٍ، وإن كنت قد رأيته في اليوم الأوَّل واليوم الخامس، فلم يشمل الانتفاء (٥) خمسة الأيَّام جميعها، بل يجعل ما رأيته في بعضه، وانتفت الرُّؤية في بعضه، كأنَّه يومٌ كاملٌ لم يره فيه، أو أنَّ اسم الجمع يشترك فيه (٦) ما وراء الواحد بدليل قوله تعالى: ﴿فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾ [التحريم: ٤] قاله في «الكشَّاف»، وتعقَّبه في «البحر» بأنَّ ما ذكره الدَّعوى فيه عامَّةٌ؛ وهو أنَّ اسم الجمع يشترك فيه (٧) ما وراء الواحد، وهذا فيه النِّزاع، والدَّليل الذي ذكره خاصٌّ، وهذا لا خلاف فيه، ولإطلاق الجمع في مثل هذا (٨) على التَّثنية شروطٌ ذُكِرت في النَّحو، وأنَّه ليس من باب ﴿فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾ فلا يمكن أن يُستدَلَّ به عليه.

(﴿مَّعْلُومَاتٌ﴾) أي: معروفاتٌ عند النَّاس لا تُشكِل عليهم (﴿فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ﴾) أوجبه على


(١) قوله: «أو غير مستغرقٍ، وأمَّا الكوفيُّون … يكون مستغرقًا للزَّمان» ليس في (م).
(٢) في (د): «الأشهُر».
(٣) في (د): «الشَّهر».
(٤) في (د): «منذ»، وفي (س): «مذ».
(٥) في (ص): «الانتقاء»، وهو تصحيفٌ.
(٦) «فيه»: ليس في (د).
(٧) «فيه»: ليس في (ص) و (م).
(٨) في غير (ص) و (م): «ذلك».

<<  <  ج: ص:  >  >>