للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الإحرام (ثُمَّ افْرُغَا) من العمرة، وظاهره: أنَّ عبد الرَّحمن اعتمر مع أخته (ثُمَّ ائْتِيَا هَهُنَا) أي: المُحصَّب (فَإِنِّي أَنْظُرُكُمَا) بضمِّ الظَّاء المعجمة؛ بمعنى رواية أبي ذرٍّ عن الكُشْمِيْهَنِيِّ: «أنتظركما» بزيادة مُثنَّاةٍ فوقيَّةٍ من الانتظار كما في قوله تعالى: ﴿انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ﴾ [الحديد: ١٣] (حَتَّى تَأْتِيَانِي) وفي بعض الأصول: «تأتيانِ» بحذف الياء تخفيفًا وتخفيف النُّون وكسرة النُّون تدلُّ (١) على المحذوف (قَالَتْ: فَخَرَجْنَا) إلى التَّنعيم فأحرمنا بالعمرة (حَتَّى إِذَا فَرَغْتُ) منها (وَفَرَغْتُ) أيضًا (مِنَ الطَّوَافِ) للوداع، وحُذِف ذلك للعلم به، فكلُّ واحدٍ من اللَّفظين مُسلَّطٌ على غير ما تسلَّط عليه الآخر، وهذا يردُّ على من زعم أنَّ الرَّاوي حرَّف (٢) اللَّفظ أو غلط فيه، وأنَّ الأصل: فرغت وفَرَغَ بلفظ الغائب؛ تعني: عائشة أخاها بدليل ما في أوَّل الحديث: «افرغا»، وما في آخره: «هل فرغتم؟» وأُجيب بأنَّه ليس الذي في أوَّله وآخره موجبًا لأن نقول: فرغت وفرغ، بل إنَّما عبَّرت عن حالها لا عن حاله، لكن قال الكِرمانيُّ -وتبعه البرماويُّ والعينيُّ-: إنَّه في بعضها: «فرغ» بلفظ الغائب، والله أعلم.

(ثُمَّ جِئْتُهُ بِسَحَرَ) قبيل الفجر الصَّادق، قال الزَّركشيُّ وغيره: بفتح الرَّاء، أي: من ذلك اليوم، فلا ينصرف للعلميَّة والعدل؛ نحو: جئته يوم الجمعة سَحَرَ. انتهى. قال في «المصابيح»: حكى الرَّضِيُّ خلافًا في صرفه مع إرادة التَّعيين لكن حكى أنَّ القول المشهور كونه غير منصرفٍ، وتحقيق العدل فيه هو أنَّ كل لفظِ جنسٍ أُطلِق وأُريد فردٌ مُعيَّنٌ من أفراده فلا بدَّ فيه من لام العهد، سواءٌ صار علمًا بالغلبة كالصَّعق والنَّجم، أو لا نحو: ﴿فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ﴾ [المزمل: ١٦] أخذًا من استقراء لغتهم، فثبت في «سَحَرَ» بذلك عدلٌ مُحقَّقٌ، وقال أبو حيَّان: تعيينه أن يُراد من يومٍ بعينه، سواءٌ ذكرتَ ذلك اليومَ معه كجئتُك يوم الجمعة سحرَ، أو لم تذكره كجئتك سحرَ، وأنت تريد ذلك من يومٍ بعينه، وسواءٌ عرَّفْتَ ذلك اليوم -كما مرَّ- أو نكَّرته نحو: جئتك يومًا سحرَ (فَقَالَ) لهما ومن معهما ممَّن اعتمر: (هَلْ فَرَغْتُم) من العمرة؟ أو قال لهما فقط على قول: إنَّ أقلَّ الجمع اثنان،


(١) في (د): «وكسر النُّون يدلُّ».
(٢) في (د): «حذف»، وهو تحريفٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>