للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رواية عروة عنها في هذا الباب: «فمنَّا مَنْ أهلَّ بعمرةٍ، ومنَّا من أهلَّ بحجَّةٍ وعمرةٍ، ومنَّا من أهلَّ بالحجِّ» [خ¦١٥٦٢] فيُحمَل الأوَّل على أنَّها ذكرت ما كانوا يعهدونه من ترك الاعتمار في أشهر الحجِّ ثمَّ بيَّن لهم النَّبيُّ وجوه الإحرام، وجوَّز لهم الاعتمار في أشهر الحجِّ (١)، وأمَّا عائشة نفسها فسيأتي -إن شاء الله تعالى- في «أبواب العمرة» [خ¦١٧٨٣] وفي «حجَّة الوداع» [خ¦٤٤٠٨] من «المغازي» من طريق هشام بن عروة عن أبيه عنها في أثناء هذا الحديث قالت: «وكنت ممَّن أهلَّ بعمرةٍ» وقد زعم إسماعيل القاضي وغيره أنَّ الصَّواب رواية (٢) الأسود والقاسم وعَمْرة عنها: أنَّها أهلَّت بالحجِّ مفردًا، ونسب عروة إلى الغلط، وأُجيب بأنَّ قول عروة عنها: «إنَّها أهلَّت بعمرةٍ» صريحٌ، وأمَّا قول الأسود وغيره عنها: «لا نرى إلَّا الحجَّ» فليس صريحًا في إهلالها بحجٍّ مفردٍ، فالجمع بينهما ما سبق من غير تغليط عروة، وهو أعلم النَّاس بحديثها، وقد وافقه جابر بن عبد الله عند مسلمٍ وطاوسٌ ومجاهدٌ عنها.

(فَلَمَّا قَدِمْنَا) مكَّة (تَطَوَّفْنَا بِالبَيْتِ) تعني: النَّبيَّ وأصحابه غيرها لأنَّها لم تَطُفْ بالبيت ذلك الوقت لأجل حيضها (فَأَمَرَ النَّبِيُّ مَنْ لَمْ يَكُنْ سَاقَ الهَدْيَ أَنْ يَُحِلَّ) من الحجِّ بعمل العمرة، وياء «يُحِلَّ» مضمومةٌ من الإحلال، والذي في «اليونينيَّة»: بفتحها لا غير، والفاء في «فأمر» للتَّعقيب فيدلُّ على أنَّ أمره (٣) بذلك كان بعد الطَّواف، وسبق أن أمرهم به بسَرِفَ، فالثَّاني تكرارٌ للأوَّل وتأكيدٌ له فلا منافاة بينهما (فَحَلَّ) بعمل العمرة (مَنْ لَمْ يَكُنْ سَاقَ الهَدْيَ) وهذا هو فسخ الحجِّ المُترجَم به، وجوَّزه أحمد وبعض أهل الظَّاهر، وخصَّه الأئمَّة الثَّلاثة والجمهور بالصَّحابة في تلك السَّنة كما سبق (وَنِسَاؤُهُ) (لَمْ يَسُقْنَ) الهدي (فَأَحْلَلْنَ) وعائشة منهنَّ، لكن منعها من التَّحلُّل كونها حاضت ليلة دخولها مكَّة، وكانت محرمةً بعمرةٍ وأدخلت عليها الحجَّ، فصارت قارنةً كما مرَّ (قَالَتْ عَائِشَةُ : فَحِضْتُ) بسَرِف (فَلَمْ أَطُفْ بِالبَيْتِ) طواف العمرة لمانع الحيض، وأمَّا طواف الحجِّ فقد قالت فيه -كما مرَّ-: «ثمَّ (٤) خرجت من منًى فأفضت بالبيت» [خ¦١٥٦٠] (فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الحَصْبَةِ)


(١) قوله: «بيَّن لهم النَّبيُّ وجوه … في أشهر الحجِّ» سقط من (ص).
(٢) زيد في غير (د) و (م): «أبي»، وليس بصحيحٍ، وكذا في المواضع اللَّاحقة.
(٣) في (د): «مراده ».
(٤) «ثمَّ»: ليس في (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>