للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المهملتين وفتح المُثلَّثة مبتدأٌ خبره محذوفٌ وجوبًا، أي: موجودٌ؛ يعني: قرب عهدهم (بِالكُفْرِ لَفَعَلْتُ) أي: لرددتها على قواعد إبراهيم، وفيه دليلٌ على ارتكاب أيسر الضَّررين دفعًا لأكبرهما لأنَّ قصور البيت أيسر من افتتان طائفةٍ (١) من المسلمين، ورجوعهم عن دينهم (فَقَالَ عَبْدُ اللهِ) بن عمر () وعن أبيه بالإسناد المذكور: (لَئِنْ كَانَتْ عَائِشَةُ سَمِعَتْ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ (٢) ) ليس شكًّا في قولها ولا تضعيفًا لحديثها فإنَّها الحافظة المتقنة؛ لكنَّه (٣) جرى على ما يعتاد في كلام العرب من التَّرديد للتَّقرير واليقين كقوله تعالى: ﴿وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ﴾ [الأنبياء: ١١١] (مَا أُرَى) بضمِّ الهمزة: ما أظنُّ (رَسُولَ اللهِ تَرَكَ اسْتِلَامَ الرُّكْنَيْنِ اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الحِجْرَ) بسكون الجيم، أي: يقربان منه، وزاد معمرٌ: «ولا طاف النَّاس من وراء الحجر» (إِلَّا أَنَّ البَيْتَ) الكعبة (لَمْ يُتَمَّمْ) ما نقص منه، وهو الرُّكن الذي كان في الأصل (عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ) ، فالموجود الآن في جهة الحجر بعض الجدار الذي بنته قريشٌ، فلذلك لم يستلمهما النَّبيُّ ، فلو استلمهما أو غيرهما من البيت أو قبَّل ذلك لم يُكرَه ولا هو خلاف الأَولى، بل هو حسنٌ لما (٤) في «الاستقصاء» عن الشَّافعيِّ أنَّه قال: وأيَّ البيتِ قَبَّلَ فَحَسَنٌ، غير أنَّا نأمر بالاتِّباع. انتهى. قال أبو عبد الله الأُبِّيُّ: وهذا الذي قاله ابن عمر من فقهه، ومن تعليل العدم بالعدم علَّل عدم الاستلام بعدم أنَّهما من البيت.

وهذا الحديث أخرجه المؤلِّف أيضًا في «أحاديث الأنبياء» [خ¦٣٣٦٨] وفي «التَّفسير» [خ¦٤٤٨٤]،


(١) في (ص): «طائفتين».
(٢) في (د) و (س): «من النَّبيِّ».
(٣) في (د): «لكن».
(٤) زيد في (م): «مرَّ».

<<  <  ج: ص:  >  >>