للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حيث قالوا: إنَّ التقدير: أوَّل فريقٍ كافرٍ أو فوجٍ كافرٍ؛ يعنون: أنَّ مثل هذه الألفاظ مفردةٌ بحسب اللَّفظ، وجَمْعٌ بحسب المعنى، فيجوز لك رعاية لفظه تارةً، ومعناه أخرى كيف شئت، فانقل هذا إلى الحديث تجده ظاهرًا لا خفاء بصوابه، وقال صاحب «اللَّامع»: قد يُوجَّه (١) بأنَّ «فَعيلًا» يُستعمَل للمفرد والجمع والمُؤنَّث والمُذكَّر كما في: ﴿إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [الأعراف: ٥٦] وخُرِّج عليه: «خبيرٌ بنو لِهْبٍ» إذا قلنا: إنَّه خبرٌ مُقدَّمٌ، فإذا صحَّت الرِّواية وجب التَّأويل.

(لأَمَرْتُ بِالبَيْتِ فَهُدِمَ، فَأَدْخَلْتُ فِيهِ مَا أُخْرِجَ مِنْهُ) بضمِّ الهمزة، أي: من الحِجْر (وَأَلْزَقْتُهُ بِالأَرْضِ) بحيث يكون بابه على وجهها غير مرتفعٍ عنها، و «ألزقته» بالزَّاي؛ كألصقته بالصَّاد (وَجَعَلْتُ لَهُ بَابَيْنِ بَابًا شَرْقِيًّا) مثل الموجود الآن (وَبَابًا غَرْبِيًّا، فَبَلَغْتُ بِهِ أَسَاسَ إِبْرَاهِيمَ) (فَذَلِكَ الَّذِي حَمَلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ) عبد الله (عَلَى هَدْمِهِ) البيت، زاد وهبٌ: و «بنائه»، والإشارة في قوله ذلك إلى ما روته عائشة عنه مع عدم وجود ما كان يخافه من الفتنة وقصور النَّفقة كما في حديث عطاءٍ عند مسلمٍ بلفظ: وقال ابن الزُّبير: سمعت عائشة تقول: إنَّ النَّبيَّ قال: «لولا أنَّ النَّاس حديثٌ عهدهم بكفرٍ، وليس عندي من النَّفقة ما يقوى على بنائه لكنت أدخلت فيه من الحِجْر خمسة أذرعٍ، ولجعلت له بابًا يدخل منه النَّاس، وبابًا يخرجون منه، فأنا اليوم أجد ما أنفق ولست أخاف النَّاس .... » الحديث.

(قَالَ يَزِيدُ) بن رومان بالإسناد السَّابق: (وَشَهِدْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ حِينَ هَدَمَهُ) وكان قد هدمه حتَّى بلغ به الأرض (و) حين (بَنَاهُ) وكان في سنة خمسٍ وستِّين، وقال الأزرقيُّ: في نصف جمادى الآخرة سنة أربعٍ وستِّين، وجمع بينهما بأنَّ الابتداء كان في سنة أربعٍ والانتهاء كان في سنة خمسٍ، وأيَّدوه بأنَّ في «تاريخ» المُسَبِّحيِّ (٢): أنَّ الفراغ من بناء البيت كان في سنة خمسٍ وستِّين، وزاد


(١) في غير (د): «تُوجِّه».
(٢) في (ص): «المسبجيِّ»، وفي (د) و (م): «المسيحيِّ»، وهو تصحيفٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>