للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على أهل الحاجة استنباطًا من رأي عمر قسمة الذَّهب والفضَّة الكائنين بها، وقِيلَ: لأنَّ الكعبة لم تزل مُعظَّمةً تُقصَد بالهدايا تعظيمًا لها، فالكسوة من باب التَّعظيم لها، واختُلِف في الكسوة: هل يجوز التَّصرُّف فيها بالبيع ونحوه؟ فقال أبو (١) الفضل بن عبدان من أصحابنا: لا يجوز قطع شيءٍ من أستار (٢) الكعبة ولا نقله ولا بيعه ولا شراؤه ولا وضعه بين أوراق المصحف، ومن حمل من ذلك شيئًا لزمه ردُّه، وأقرَّه الرَّافعيُّ عليه، قال ابن فرحون من المالكيَّة: وهذا على وجه الاستحسان منه، والنُّصوص تخالفه (٣)، قال الباجيُّ: وقد استحسن (٤) مالكٌ شراء كسوة الكعبة، وقال ابن الصَّلاح: أمر ذلك إلى الإمام، يصرفه في بعض (٥) مصارف بيت المال بيعًا وعطاءً، واحتجَّ بما رواه الأزرقيُّ في «تاريخ مكَّة»: أنَّ عمر بن الخطَّاب كان ينزع كسوة الكعبة كلَّ سنةٍ فيقسمها على الحاجِّ، قال النَّوويُّ: وهو حسنٌ متعيِّنٌ لئلَّا تتلف بالبلى، وبه قال ابن عبَّاسٍ وعائشة وأمُّ سلمة، وجوَّزوا لمن أخذها لبسها ولو حائضًا وجنبًا، ونبَّه في «المهمَّات» على أنَّ ما قاله النَّوويُّ هنا مخالفٌ لما وافق عليه الرَّافعيُّ في آخر الوقف من تصحيح أنَّها تُباع إذا لم يبق فيها جمالٌ، ويُصرَف ثمنها في مصالح المسجد، ثمَّ قال: واعلم أنَّ للمسألة أحوالًا:

أحدها: أن تُوقَف على الكعبة وحكمها ما مرَّ، وخطَّأه غيرُه بأنَّ الذي مرَّ محلُّه فيما إذا كساها الإمام من بيت المال، أمَّا إذا وُقِفت فلا يتعقَّل عالمٌ جواز صرفها في مصالح غير الكعبة.

ثانيها: أن يملِّكها مالكها للكعبة، فلِقيِّمها أن يفعل فيها ما يراه من تعليقها عليها أو بيعها وصرف ثمنها إلى مصالحها.

ثالثها: أن يُوقَف شيءٌ على أن يُؤخَذ ريعه وتُكسَى به الكعبة كما في عصرنا، فإنَّ الإمام قد وقف على ذلك بلادًا، قال: وقد تلخَّص لي في هذه المسألة: أنَّه إن شرط (٦) الواقف شيئًا من


(١) «أبو»: سقط من (د).
(٢) في (د) و (م): «ستور».
(٣) في (د): «والمنصوص يخالفه».
(٤) في غير (د): «استخفَّ»، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.
(٥) «بعض»: ليس في (د).
(٦) في (د): «اشترط».

<<  <  ج: ص:  >  >>