للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ماله وولده، ثمَّ لقيه هو وابنه طَلْق بن بشرٍ مقترنين بحبلٍ، فقال: «ما هذا؟» قال: حلفت لئن ردَّ الله عليَّ مالي وولدي لأحجنَّ بيت (١) الله مقرونًا، فأخذ النَّبيُّ الحبل فقطعه، وقال لهما: «حجَّا، إنَّ هذا من عمل الشَّيطان» فيمكن أن يكون المبهمان بِشْرًا وابنَه طَلْقًا (٢) المذكورين.

فإن قلت: أين دلالة الحديث على ما ترجم له؟ قلت: من قوله: ثمَّ قال: «قُدْ بيده»، فإن قلت: إنَّ الزَّركشيَّ حمله على المجاز، وقال: إنَّه قد شاع في كلامهم إجراء «قال» مُجرى «فَعَلَ» قلت: غلَّطه صاحب «المصابيح» بأنَّه صرفٌ للَّفظِ (٣) عن حقيقته، وهي (٤) الأصل بلا قرينةٍ، وقد سلَّط القول هنا على كلامٍ نطق به، وهو قوله: «قُدْ بيده»، وكأنَّ الزَّركشيَّ ظنَّ أنَّه مثل قوله: فقال بيده هكذا، وفرَّق أصابعه، وليس كذلك لوجود القرينة في هذا دون ذاك. انتهى.

وقد استحبَّ الشَّافعيَّة للطَّائف أنَّه لا يتكلَّم إلَّا بذكر الله تعالى، وأنَّه يجوز الكلام في الطَّواف ولا يبطل ولا يُكرَه، لكنَّ الأفضل تركه إلَّا أن يكون كلامًا في خيرٍ كأمرٍ بمعروفٍ أو نهيٍ عن منكرٍ، أو تعليم جاهلٍ أو جواب فتوى، وقد روى الشَّافعيُّ عن إبراهيم بن نافعٍ قال: كلَّمت طاوسًا في الطَّواف فكلَّمني، وفي التِّرمذيِّ مرفوعًا: «الطَّواف حول البيت مثل الصَّلاة إلَّا أنَّكم تتكلَّمون (٥) فيه، فمن تكلَّم فيه فلا يتكلَّم إلَّا بخير»، وفي النَّسائيِّ عن ابن عبَّاسٍ: الطَّواف بالبيت صلاةٌ، فأقلُّوا به الكلام، فليتأدَّب الطَّائف بآداب الصَّلاة خاضعًا حاضر القلب ملازم الأدب في ظاهره وباطنه، مستشعرًا بقلبه عظمة من يطوف ببيته، وليتجنَّب الحديث فيما لا فائدة فيه، لا سيَّما في مُحرَّمٍ كغيبةٍ أو نميمةٍ، وقد روينا عن


(١) في (د): «لبيتِ».
(٢) في (ج): «طلقٌ».
(٣) في (د): «اللَّفظ».
(٤) في (م): «هو».
(٥) في (د): «تكلَّمون».

<<  <  ج: ص:  >  >>