للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العاص في «الصَّحيحين» [خ¦٨٣]: سمعت النَّبيَّ يوم النَّحر في حجَّة الوداع وهم يسألونه، فقال رجلٌ: لم أشْعُر فحلقت قبل أن أذبح، فقال: «اذبح ولا حرج»، فجاء آخر فقال: لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي، فقال: «ارمِ ولا حرج». ولـ «مسلمٍ» أيضًا عنه: سمعت النَّبيَّ وأتاه رجلٌ يوم النَّحر وهو واقفٌ عند الجمرة، فقال: يا رسول الله إنِّي حلقت قبل أن أرمي، فقال: «اِرمِ ولا حرج»، وأتاه آخر فقال: إنِّي ذبحت قبل أن أرمي، فقال: «اِرمِ ولا حرج»، فأتاه رجلٌ آخر، فقال: إنِّي أفضت إلى البيت قبل أن أرمي، فقال: «ارمِ ولا حرج»، قال: فما سُئِل عن شيءٍ يومئذٍ قُدِّم ولا أُخِّر إلَّا قال: افعل ولا حرج، وقال المالكيَّة: يجب الدَّم إذا قدَّم الحلق على الرَّمي لأنَّه وقع قبل حصول شيءٍ من التَّحلُّل، وروى ابن القاسم عن مالكٍ، وبه أخذ: أنَّ في (١) تقديم الإفاضة على الرَّمي الدَّمَ، وحجُّه مجزئٌ، وعن مالكٍ: لا يجزئه، وهو كمن لم يُفِضْ، وقال أصبغ: أحبُّ إليِّ (٢) أن يعيد، وذلك في يوم النَّحر آكد، ولو حلق قبل النَّحر أو نحر (٣) قبل الرَّمي فلا شيء عليه على الأصحِّ، وقال عبد الملك: إن حلق قبل النَّحر أهدى، قال الطَّبريُّ: والعجب ممَّن يحمل قوله: «ولا حرج» على نفي الإثم فقط، ثمَّ يخصُّ (٤) ذلك ببعض الأمور دون بعضٍ، فإن كان التَّرتيب واجبًا يجب بتركه دمٌ فليكن في الجميع، وإلَّا فما وجه تخصيص بعضٍ دون بعضٍ (٥) مع تعميم الشَّارع الجميع بنفي الحرج. انتهى. وقال أبو حنيفة: عليه دمٌ، وإن كان قارنًا فدمان، وقال محمَّدٌ وأبو يوسف: لا شيء عليه لقوله : «لا حرج»، واحتجُّوا لأبي حنيفة: بما رواه ابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» من حديث ابن عبَّاسٍ أنَّه قال: من قدَّم شيئًا من حجَّه أو أخَّره فليهرق لذلك دمًا، وأجابوا عن حديث الباب بأنَّ المراد بالحرج المنفيِّ هو الإثم، ولا يستلزم ذلك نفي الفدية.

وهذا الحديث أخرجه المؤلِّف من أربعة طرقٍ ومن ستَّة أوجهٍ؛ كما ترى.


(١) «في»: ليس في (ص).
(٢) «إليَّ»: ليس في (ص).
(٣) في (ص): «حلق»، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.
(٤) في (ص): «يخصِّص».
(٥) قوله: «فإن كان التَّرتيب واجبًا يجب … تخصيص بعضٍ دون بعضٍ» ليس في (ص).

<<  <  ج: ص:  >  >>