للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يظهر أثره؛ وذلك لأنَّ حكم الأصل على تقدير القياس وجوب المسح، ومحلُّه المسح، وحكم الفرع وجوب الحلق، ومحلُّه الحلق للتَّحلُّل، ولا يظنُّ أنَّ محلَّ الحكم الرَّأس؛ إذ لا يتَّحد الفرع والأصل؛ وذلك أنَّ الأصل والفرع هما محلَّا الحكم المُشبَّه به والمُشبَّه، والحكم هو الوجوب مثلًا، ولا قياس يُتصوَّر مع (١) اتِّحاد محلِّه؛ إذ لا اثنينيَّة، وحينئذٍ فحكم الأصل -وهو وجوب المسح- ليس فيه معنًى يوجب جواز قصره على الرُّبع، وإنَّما فيه نفس النَّصِّ الوارد فيه؛ وهو قوله تعالى: ﴿وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ﴾ [المائدة: ٦] بناءً إمَّا على الإجمال والتحاق حديث المغيرة بيانًا، أو على عدمه، والمفاد بسبب الباء إلصاق اليد كلِّها بالرَّأس لأنَّ الفعل حينئذٍ يصير متعدِّيًا إلى الآلة بنفسه فيشملها، وتمام اليد يستوعب الرُّبع عادةً فيتعيَّن (٢) قدره، لا أنَّ فيه معنًى ظهر أثره في الاكتفاء بالرُّبع أو بالبعض مطلقًا، أو تعيَّن الكلُّ وهو متحقِّقٌ (٣) في وجوب حلقها عند التَّحلُّل من الإحرام ليتعدَّى الاكتفاء بالرُّبع من المسح إلى الحلق، وكذا الآخران، وإذا انتفت صحَّة القياس فالمرجع في كلٍّ من المسحة وحلق التَّحلُّل ما يفيده نصُّه (٤) الوارد فيه، والوارد في المسح دخلت فيه الباء على الرَّأس التي هي المحلُّ، فأوجب عند الشَّافعيِّ (٥) التَّبعيض، وعندنا وعند مالكٍ، لا بل الإلصاق، غير أنَّا لاحظنا تعدِّي الفعل للآلة، فيجب قدرها من الرَّأس، ولم يلاحظها مالكٌ رحمه الله تعالى، فاستوعب الكلَّ، أو جعلها صلةً كما في: ﴿فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ﴾ [المائدة: ٦] في آية التَّيمُّم، فاقتضى وجوب استيعاب المسح، وأمَّا الوارد في الحلق فمن الكتاب قوله تعالى: ﴿لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ﴾ [الفتح: ٢٧] من غير باءٍ، ففيها: إشارةٌ إلى طلب تحليق الرُّؤوس أو تقصيرها، وليس فيها ما هو الموجب بطريق التَّبعيض على اختلافه عندنا وعند الشَّافعيِّ، وهو دخول الباء على المحلِّ، ومِنَ السُّنَّة فعلُه ؛ وهو الاستيعاب، فكان مقتضى الدَّليل في الحلق وجوب


(١) في (د) و (س): «عند».
(٢) في (ص) و (م): «فتعيَّن»
(٣) في (ص) و (م): «يتحقَّق».
(٤) في (ب): «نصُّ».
(٥) في (ص): «الشَّافعيَّة».

<<  <  ج: ص:  >  >>