للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إن شاء الله تعالى (١). وقال المالكيَّة والحنفيَّة: خطب الحجِّ ثلاثةٌ: سابع ذي الحجَّة ويوم عرفة بها وثاني يوم النَّحر بمنًى (٢)، ووافقهم الشَّافعيُّ إلَّا أنَّه قال بدل ثاني يوم النَّحر: ثالثه لأنَّه أوَّل النَّفر (٣)، وزاد الرَّابعة يوم النَّحر، قال: وبالنَّاس حاجةٌ إليها ليعلموا أعمال ذلك اليوم من الرَّمي والذَّبح والحلق والطَّواف، واعترضه الطَّحاويُّ بأنَّ الخطبة المذكورة ليست من متعلَّقات الحجِّ لأنَّه لم يذكر فيها شيئًا من أمور الحجِّ، وإنَّما ذكر فيها وصايا عامَّةً لا على أنَّها (٤) خطبةٌ وشعيرةٌ من شعائر الحجِّ، ولم ينقل أحدٌ أنَّه علَّمهم فيها شيئًا ممَّا يتعلَّق بيوم النَّحر، فعرفنا أنَّها لم تُقصَد لأجل الحجِّ، وأُجيب بأنَّ البخاريَّ أراد أن يبيِّن أنَّ الرَّاوي قد سمَّاها خطبةً كما سمَّى التي وقعت في عرفاتٍ خطبةً، وقد اتَّفقوا على خطبة يوم عرفة، فألحق المُختَلَف فيه بالمُتَّفَق عليه، قاله ابن المُنيِّر في «الحاشية»، وقد جزم الصَّحابة: ابن عبَّاسٍ وأبو بكرٍ وأبو أمامة عند أبي داود بتسميتها خطبةً، فلا يُلتفَت لتأويل غيرهم، وقد ثبت في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص السَّابق [خ¦١٧٣٧] وغيره: أنَّه شهد النَّبيَّ يخطب يوم النَّحر، وفي حديث عبد الرَّحمن بن معاذٍ عند أبي داود والنَّسائيِّ قال: خطبنا رسول الله ونحن بمنًى، ففتحنا (٥) أسماعنا حتَّى كنَّا نسمع ما يقول، ونحن في منازلنا، فطفق يعلِّمهم مناسكهم حتَّى بلغ الجمار، فوضع إصبعيه، ثمَّ (٦) قال: بحصى الخَذْف، ثمَّ أمر المهاجرين، فنزلوا في مُقدَّم المسجد، وأمر الأنصار أن ينزلوا من وراء المسجد، ثمَّ نزل النَّاس بعد (فَقَالَ) في خطبته المذكورة: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ) خطابًا (٧) للحاضرين معه حينئذٍ (أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟) استفهامٌ تقريريٌّ (قَالُوا: يَوْمٌ حَرَامٌ، قَالَ: فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟ قَالُوا: بلدٌ حرامٌ، قَالَ: فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟ قَالُوا: شَهْرٌ حَرَامٌ) وليس الحرام عين اليوم والبلد والشَّهر، وإنَّما المراد ما يقع فيه


(١) «إن شاء الله تعالى»: مثبتٌ من (س) و (ص).
(٢) «بمنًى»: ليس في (د).
(٣) في (م): «النَّحر»، وهو تحريفٌ.
(٤) في (ص) و (م): «أنَّه».
(٥) في (ب) و (د): «ففُتِحت».
(٦) في (د): «وقال».
(٧) في (د): «خطابٌ».

<<  <  ج: ص:  >  >>