للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

البلد الحرام أغلظ، فلا ينفي كون ذلك في غيره غليظًا أيضًا، وتفاوت ما بينهما في الغلظ لا ينفع المتعدِّي في غير البلد الحرام، فإن فرضناه تعدَّى في البلد الحرام فلا يستسهل حرمة البلد، بل ينبغي أن يعتقد أنَّ فعله أقبح الأفعال، وأنَّ عقوبته بحسب ذلك، فيراعي الحالتين.

(فَأَعَادَهَا) أي: المذكورات (مِرَارًا) وأقلُّه: ثلاث مرَّاتٍ، وهي عادته (ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ) زاد الإسماعيليُّ من هذا الوجه: إلى السَّماء (فَقَالَ: اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ؟ اللَّهُمَّ؛ هَلْ بَلَّغْتُ؟) مرَّتين، أي: بلَّغت ما أمرتني به، وإنَّما قال ذلك لأنَّه كان التَّبليغ فرضًا عليه. (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَوَصِيَّتُهُ إِلَى أُمَّتِهِ) بفتح لام: «لَوصيَّته» وهي للتَّأكيد، والضَّمير فيه للنَّبيِّ ، وفي: «إنَّها» لقوله: (فَلْيُبْلِّغِ الشَّاهِدُ) الحاضر (١) ذلك المجلس (الغَائِبَ) عنه، والضَّمير وإن كان مُقدَّمًا في الذِّكر فالقرينة تدلُّ على أنَّه مُؤخَّرٌ في المعنى، وقول ابن عبَّاسٍ معترضٌ بين قوله : «هَلْ بَلَّغْتُ؟» وبين قوله: «فَلْيُبْلِغِ الشَّاهِدُ الغائب» (لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي) بعد فراقي من موقفي هذا، أو: بعد حياتي، وفيه استعمال «رجع» كـ «صار» معنًى وعملًا، قال ابن مالكٍ: وهو ممَّا خفي على أكثر النَّحويِّين، أي: لا تصيروا بعدي (كُفَّارًا) أي: كالكفَّار، أو: لا يكفِّر بعضكم بعضًا فتستحلُّوا القتال، أو: لا تكن أفعالكم شبيهةً بأفعال (٢) الكفَّار (يَضْرِبُْ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ) برفع «يضربُ» جملةٌ مستأنفةٌ مبيِّنةٌ لقوله: «لا ترجعوا بعدي كفَّارًا» ويجوز الجزم، قال أبو البقاء: على تقدير شرطٍ مُضمَرٍ، أي: إنْ ترجعوا بعدي.

ورواة هذا الحديث ما بين مدنيٍّ وبصريٍّ وكوفيٍّ، وأخرجه المؤلِّف أيضًا في «الفتن» [خ¦٧٠٨٩]، وكذا التِّرمذيُّ.


(١) في (س): «الحاصر»، وهو تصحيفٌ.
(٢) في (د): «تشبه أفعال».

<<  <  ج: ص:  >  >>