للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

عائشة عند ابن ماجه والبيهقيِّ وغيرهما بأسانيد صحيحةٍ: قالت: قلت: يا رسول الله؛ هل على النِّساء جهادٌ؟ قال: «نعم، جهادٌ لا قتال فيه: الحجُّ والعمرة»، وروى التِّرمذيُّ وصحَّحه: أنَّ أبا رَزِينٍ لَقِيط بن عامرٍ العُقَيليَّ أتى رسول الله ، فقال: يا رسول الله؛ إنَّ أبي شيخٌ كبيرٌ لا يستطيع الحجَّ ولا العمرة ولا الظَّعن؟ قال: «حجَّ عن أبيك واعتمر»، واحتجَّ القائلون بالسُّنِّيَّة: بحديث (١): «بني الإسلام على خمسٍ» [خ¦٨]، فذكر الحجَّ دون العمرة، وأجابوا عن ثبوتها في حديث الدَّارقطنيِّ بأنَّها شاذَّةٌ، وبحديث الحجَّاج بن أرطاة عن محمَّد بن المنكدر عن جابرٍ عند التِّرمذيِّ -وقال: حسنٌ صحيحٌ- قال: سُئِل رسول الله عن العمرة: أواجبةٌ هي؟ قال: «لا، وإن تعتمر فهو أفضل»، لكن قال في «شرح المُهذَّب»: اتَّفق الحفَّاظ على أنَّه حديثٌ ضعيفٌ، ولا يغترَّ بقول التِّرمذيِّ فيه: حسنٌ صحيحٌ، وقال العلَّامة الكمال ابن الهمام في «فتح القدير»: إنَّه لا ينزل عن كونه حسنًا، والحسن حجَّةٌ اتِّفاقًا، وإن قال الدَّارقطنيُّ: الحجَّاج بن أرطاة لا يُحتَجُّ به فقد اتَّفقت الرِّوايات عن التِّرمذيِّ على تحسين حديثه هذا، وقد رواه ابن جريجٍ عن محمَّد بن المنكدر عن جابرٍ، وأخرجه الطَّبرانيُّ في «الصَّغير» والدَّارقطنيُّ بطريقٍ آخر عن جابرٍ، فيه يحيى بن أيُّوب وضعَّفه، وروى عبد الباقي ابن قانعٍ عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : «الحجُّ جهادٌ والعمرة تطوُّعٌ»، وهو أيضًا حجَّةٌ، وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن مسعودٍ : الحجُّ فريضةٌ والعمرة تطوُّعٌ، وكفى بعبد الله قدوةً، وتعدُّد طرق حديث التِّرمذيِّ الذي اتَّفقت الرِّوايات على تحسينه ترفعه إلى درجة الصَّحيح، كما أنَّ تعدُّد طرق الضَّعيف ترفعه إلى الحسن، فقام ركن المعارضة، والافتراض لا يثبت مع المعارضة لأنَّ المعارضة تمنعه من إثبات مقتضاه، ولا يخفى أنَّ المراد من قول الشَّافعيِّ: الفرض الظَّنِّيُّ هو الوجوب عندنا، ومقتضى ما ذكرناه: ألَّا يثبت مقتضى ما رويناه أيضًا للاشتراك في موجب المعارضة، فحاصل التَّقرير حينئذِ: تعارض


(١) «بحديث»: ليس في (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>