للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بزيدٍ وصاحبك إذا أردت بـ «صاحبك»: زيدًا، وقال الزَّمخشريُّ: في قوله تعالى: ﴿وَمَا أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَهَا كِتَابٌ مَّعْلُومٌ﴾ [الحجر: ٤] جملةٌ واقعةٌ صفةً لـ «قريةٍ»، والقياسُ ألَّا تتوسَّط الواو بينهما، كما في قوله تعالى: ﴿وَمَا أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنذِرُونَ﴾ [الشعراء: ٢٠٨] وإنَّما توسَّطت لتأكيد لصوق الصِّفة بالموصوف؛ كما يقال في الحال: جاءني زيدٌ عليه ثوبٌ، وجاءني وعليه ثوبٌ. انتهى. وتعقَّبه أبو حيَّان فقال: وافقه على ذلك أبو البقاء، قال: وهذا الذي قاله الزَّمخشريُّ وتبعه فيه أبو البقاء لا نعلم أحدًا قاله من النَّحويِّين، وهو مبنيٌّ على أنَّ ما بعد «إلَّا» يجوز أن يكون صفةً، وهم (١) قد منعوا ذلك، قال الأخفش: لا يُفصَل بين الصِّفة والموصوف بـ «إلَّا» قال: ونحو: «ما جاءني رجلٌ إلَّا راكبٌ» تقديره: إلَّا رجلٌ راكبٌ، وفيه قبحٌ لجعل (٢) الصِّفة كالاسم، وقال أبو عليٍّ الفارسيُّ: تقول: ما مررت بأحدٍ إلَّا قائمًا، «قائمًا»: حالٌ من «أحدٍ»، ولا يجوز: إلَّا قائمٌ لأنَّ «إلَّا» لا تعترض بين الصِّفة والموصوف، وقال ابن مالكٍ -وقد ذكر ما ذهب إليه الزَّمخشريُّ من قوله: في نحو: ما مررت بأحدٍ إلَّا زيدٌ خيرٌ منه: إنَّ الجملة بعد «إلَّا» صفةٌ لـ «أحدٍ» - إنَّه مذهبٌ لم يُعرَف لبصريٍّ ولا كوفيٍّ (٣)، فلا يُلتَفت إليه. انتهى. قال الحافظ ابن حجرٍ: وهذا كلُّه مبنيٌّ على صحَّة هذا السِّياق، والذي يغلب عندي أنَّه وقع فيه تحريفٌ، وأنَّ (٤) الصَّواب: فارتحل النَّاس ثمَّ طاف بالبيت … إلى آخره، وكذا وقع عند أبي داود من طريق أبي بكرٍ الحنفيِّ عن أفلح بلفظ: فأذَّن في أصحابه بالرَّحيل فارتحل فمرَّ بالبيت قبل صلاة الصُّبح فطاف به حتَّى خرج، ثمَّ انصرف متوجِّهًا إلى المدينة. ولـ «مسلمٍ»: فآذن في أصحابه بالرَّحيل فخرج فمرَّ بالبيت فطاف به قبل صلاة الصُّبح، فيحتمل أنَّه أعاد (٥) طواف الوداع (٦) لمَّا رجع من الأبطح.

(ثُمَّ خَرَجَ) (مُوَجِّهًا إِلَى المَدِينَةِ) بضمِّ الميم وفتح الواو وتشديد الجيم المكسورة،


(١) «هم»: ليس في (ص) و (م).
(٢) في (د): «جعل»، وفي (ص): «لجعلك».
(٣) في (د): «لكوفيٍّ».
(٤) «أنَّ»: ليس في (د).
(٥) في (ص): «طاف».
(٦) زيد في (ص): «ثانيًا».

<<  <  ج: ص:  >  >>