«ما سألني عنه»، ويجوز أن يكون «أنْ قال» اسمَ «كان»، وقوله:«أوَّل ما سألني»: خبره، وتقديره: ثمَّ كان قوله: كيف نسبه فيكم؟ أوَّلَ ما سألني عنه، ويجوز رفعه اسمًا لكان، وذكر العينيُّ وروده روايةً، ولم يصرِّح به في «الفتح»، إنَّما قال: ويجوز رفعه على الاسميَّة، وخبره قوله:(أَنْ قَالَ: كَيْفَ نَسَبُهُ)﵊(فِيكُمْ؟) أي: ما حال نسبه فيكم؟ أهو من أشرافكم أم لا؟ لكن قال العلَّامة البدر الدَّمامينيُّ: إنَّ جواز النَّصب والرَّفع لا يصحُّ على إطلاقه، وإنَّما الصَّواب التَّفصيلُ؛ فإن جعلنا «ما» نكرةً بمعنى: شيءٍ، تعيَّن نصبه على الخبرية؛ وذلك لأنَّ «أن قال» مؤول بمصدر معرفة، بل قال ابن هشامٍ: إنَّهم حكموا له بحكم الضَّمير، فإذًا تعيَّن أن يكون «هو» اسم كان، و «أوَّل ما سألني» هو الخبر؛ ضرورة أنَّه متى اختلف الاسمان تعريفًا وتنكيرًا فالمُعرَّف الاسم، والمُنكَّرُ الخبرُ، ولا يُعكَس إِلَّا في الضَّرورة، وإن جعلناها (١) موصولةً جاز الأمران، لكنَّ المُختَار جعل «أنْ قال» هو الاسم لكونه أعرف. انتهى.
قال أبو سفيان:(قُلْتُ: هُوَ فِينَا ذُو نَسَبٍ) أي: صاحب نسبٍ عظيمٍ، فالتَّنوين للتَّعظيم؛ كقوله تعالى: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ﴾ [البقرة: ١٧٩] أي: عظيمةٌ (قَالَ) هِرَقْلُ: (فَهَلْ قَالَ هَذَا القَوْلَ مِنْكُمْ) من قريشٍ (أَحَدٌ قَُطُّ) بتشديد الطَّاء المضمومة مع فتح القاف، وقد يُضمَّان، وقد تُخفَّف الطَّاء وتُفتَح القاف، ولا يُستعَمل إلَّا في الماضي المنفيِّ، واستُعمِل هنا بغير أداة النَّفي، وهو نادرٌ، وأُجِيب: بأنَّ الاستفهام حكمه حكم النَّفي؛ كأنَّه قال: هل قال هذا القول أحدٌ أو لم يقله أحدٌ قطُّ (قَبْلَهُ؟) بالنَّصب على الظَّرفيَّة، وللأَصيليِّ والكُشْمِيهَنِيِّ وكريمةَ وابن عساكرَ:«مثله» بدل قوله: «قبله» وحينئذٍ: يكون بدلًا من قوله: «هذا القولَ»، قال أبو سفيانَ:(قُلْتُ: لَا) أي: لم يقله أحدٌ قبله (قَالَ) هِرَقْلُ: (فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ) بكسر الميم؛ حرف جرٍّ (مَلِكٍ؟) بفتح الميم وكسر اللَّام؛ صفةٌ مشبَّهةٌ، وهذه رواية كريمةَ والأَصيليِّ وأبي الوقت وابن عساكرَ، ورواه ابن عساكر في نسخةٍ وأبو ذَرٍّ عن الكُشْمِيهَنِيِّ:«مَنْ» بفتح الميم؛ اسمٌ موصولٌ، و «مَلَكَ» فعلٌ ماضٍ، ولأبي ذَرٍّ -كما في «الفتح» -: «فهل كان من آبائه ملك» بإسقاط «مِن» والأوَّل أشهر وأرجح، قال أبو سفيان:(قُلْتُ: لَا. قَالَ) هِرَقْلُ: (فَأَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟)