للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(عَنْهُ) شيئًا بعد شيءٍ (فَقَالَ) للرَّجل: (اصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ مَا تَصْنَعُ فِي حَجِّكَ) من الطَّواف بالبيت، والسَّعي بين الصَّفا والمروة، والحلق، والاحتراز عن محظورات الإحرام في الحجِّ كلبس المخيط وغيره، وفيه: إشعارٌ بأنَّ الرَّجل كان عالمًا بصفة الحجِّ دون العمرة، زاد في «باب يَفْعَل في العمرة ما يفعل (١) في الحجِّ» [خ¦١٧٨٩]-قبل قوله: اصنع-: «اخلع عنك الجبَّة، واغسل أثر الخَلُوق عنك، وأنقِ الصُّفرة»، وفيه: دليلٌ على أنَّ من أحرم في قميصٍ أو جبَّةٍ لا تُمزَّق عليه كما يقول الشَّعبيُّ، بل إنْ نزعه في الحال، أي: من رأسه، وإن أدَّى إلى الإحاطة برأسه فلا شيء عليه، نعم إنْ (٢) كانت الجبَّة مُفرَّجةً جميعها مُزرَّرةً (٣) -كالقباء والفرجيَّة- وأراد المحرم نزعها فهل له نزعها من رأسه مع إمكان حلِّ الأزرار (٤) بحيث لا تحيط بالرَّأس؟ محلُّ نظرٍ، وفي الحديث أيضًا: أنَّ المحرم إذا لبس أو تطيَّب ناسيًا أو جاهلًا فلا فدية عليه لأنَّ السَّائل كان قريب العهد بالإسلام ولم يأمره بالفدية، والنَّاسي في معنى الجاهل، وبه قال الشَّافعيُّ، وأمَّا ما كان من باب الإتلافات (٥) من المحظورات كالحلق وقتل الصَّيد فلا فرق بين العامد والنَّاسي والجاهل في لزوم الفدية، قاله البغويُّ في «شرح السُّنَّة»، وقال المالكيَّة: فعل العمد والسَّهو والضَّرورة والجهل سواءٌ في الفدية إلَّا في حرجٍ عامٍّ؛ كما لو ألقت الرِّيح عليه الطِّيب فإنَّه في هذا وشبهه لا فدية عليه، لكن إن تراخى في إزالته لزمته، وأجاب ابن المُنيِّر من المالكيَّة في «حاشيته» عن هذا الحديث بأنَّ الوقت الذي أحرم فيه الرَّجل في الجبَّة كان قبل نزول الحكم (٦)، قال: ولهذا انتظر النَّبيُّ الوحي، قال: ولا خلاف أنَّ التَّكليف لا يتوجَّه على المُكلَّف قبل نزول الحكم (٧) فلهذا لم يُؤمَر الرَّجل بفديةٍ عمَّا مضى، بخلاف من لبس الآن جاهلًا فإنَّه جهل حكمًا استقرَّ، وقصَّر في علمٍ كان عليه أن يتعلَّمه لكونهُ مكلَّفًا به، وقد تمكَّن من تعلُّمه.


(١) في (د): «يفعله».
(٢) في (ص) و (م): «لو».
(٣) في (د): «مزرورةً».
(٤) في (ص) و (م): «الإزار» ولعلَّه تحريفٌ.
(٥) في (د): «الإتلاف».
(٦) في (د): «الوحي».
(٧) في (د): «الوحي».

<<  <  ج: ص:  >  >>