للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على (١) أنَّ الجهاد معطوفٌ على الغزو بالواو، أو جعل «أو» بمعنى: الواو. انتهى، فليُتأمَّل. فإنَّ الذي وجدته في ثلاثة أصولٍ معتمدةٍ: «ألا نغزوا ونجاهد» بألفٍ واحدةٍ بين الواوين، وهي ألف الجمع، والواو التَّالية لها واو الجمع بلا ريبٍ، فالكِرمانيُّ اعتمد على الأصل المعتمد، وقد قال في «القاموس»: الجِهاد بالكسر: القتال مع العدوِّ، ثمَّ قال: غَزَاه غَزْوًا: أراده وطلبه وقصده كاغْتَزاه، والعَدُوَّ: سار إلى قتالهم وانتهابهم، ففرَّق بين الجهاد والغزو كما فرَّق الكِرمانيُّ، وبالجملة: فيحتمل أن يكون فيها روايتان: واو العطف أو: «أو» للشَّكِّ، والعلم عند الله تعالى (فَقَالَ) : (لَكُنَّ أَحْسَنُ الجِهَادِ وَأَجْمَلُهُ الحَجُّ، حَجٌّ مَبْرُورٌ) بضمِّ الكاف وتشديد النُّون (٢) بلام الجرِّ الدَّاخلة على ضمير المخاطبات، وهو ظرفٌ مستقرٌّ، خبر «أحسنُ»، و «أجملُه» عُطِف عليه، و «الحجُّ» بدلٌ من «أحسنُ»، و «حجٌّ مبرورٌ»: خبرُ مبتدأٍ محذوفٍ، أي: هو حجٌّ مبرورٌ، أو بدلٌ من البدل، ويجوز: «لَكِنَّ» بفتح اللَّام (٣) وكسر الكاف مع زيادة ألفٍ قبل الكاف (٤) وتشديد النُّون للاستدراك، و «أحسنَ»: نُصِب بها، وهذا في الفرع كأصله (٥)،


(١) في (ج) و (م): «فصرَّح»، وليس فيها وفي (د): «على».
(٢) قال السندي في «حاشيته»: ظنَّ القسطلَّاني أنَّ ما ذكره ابن حجر لا يتمُّ إلَّا على تقدير وجود ألفين بين الواوين، لكنَّ الموجود ألف واحدة، ثمَّ اعتذرَ عنه بأنَّه لعلَّه وجد في رواية ألفين، وهذا ظنٌّ فاسدٌ منشؤه ظنُّ أنَّ الواو في نغزو واو جمع، فلا بدَّ من ألف بعد ذلك كتابة، وهذا باطلٌ قطعًا بل الواو في نغزو هي لام الكلمةِ من غزا يغزو، ونغزو بالنون للمتكلِّم مع الغير، ولا يدخلُ فيه واو الجمع أصلًا كيف ولو كان فيه واو الجمع لكان في نجاهد واو الجمع أيضًا، فالألف بعد هذا الواو لا يتعلَّق بهذا الواو أصلًا، وإنَّما يتعلَّق بالواو الثَّانية، ويلزم منه أنَّ العطفَ بين الفعلين بأو على تقدير وجود ألف واحدة بين الواوين، وأمَّا وجود ألفين فلا يصحُّ أصلًا، وكلام المحقِّق ابن حجر ظاهرٌ في أنَّه مبنيٌّ على وجود ألف واحدةٍ بين الواوين إلَّا أنَّ الكِرماني أخطأَ حيث ظنَّه متعلِّقًا بواو نغزو مع أنَّه متعلِّقٌ بالواو الثانية، فالصَّواب للقارئ أن يقرأ: أو نجاهد، بالعطف بأو، لا: ونجاهد، بالعطف بالواو، وإنَّما طوَّلت في الكلام لما رأيت من كثرة الخطأ بين الأنام إمَّا غفلة أو اعتمادًا على ما ذكره القسطلَّاني من الكلام، والله تعالى أعلم بحقيقة المرام. انتهى.
(٣) «بفتح اللَّام»: مثبتٌ من (ب) و (س).
(٤) في (ص) و (م) و (ج): «بعد الكاف» ونبَّه في (ج) أنها كذلك بخطه وأن الصواب هو المثبت في المتن.
(٥) «كأصله»: ليس في (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>