للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحَرَمُ الرَّسول لأنَّه الذي حرَّمها، وفي «الطَّبرانيِّ» بسندٍ رجاله ثقاتٌ: «حرم إبراهيم مكَّة وحرمي المدينة»، وحسنة قال الله تعالى: ﴿لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً﴾ [النحل: ٤١] أي: مباءةً حسنةً؛ وهي المدينة، ودار الأبرار، ودار الأخيار لأنَّها دار المختار والمهاجرين والأنصار، وتنفي شرارها ومن أقام بها منهم، فليست له في الحقيقة بدار، وربَّما نُقِل منها بعد الإقبار، ودار الإيمان، ودار السُّنَّة، ودار السَّلامة، ودار الفتح، ودار الهجرة؛ فمنها فُتِحت سائر الأمصار، وإليها هجرة السَّيِّد (١) المختار، ومنها انتشرت السُّنَّة في الأقطار، والشَّافية لحديث: «ترابها شفاءٌ من كلِّ داءٍ»، وذكر ابن مسدي: الاستشفاء بتعليق أسمائها على المحموم، وقبَّة الإسلام لحديث: «المدينة قبَّة الإسلام»، والمؤمنة لتصديقها بالله حقيقةً؛ لخلقه (٢) قابليَّةَ ذلك فيها كما في تسبيح الحصى، أو مجازًا؛ لاتِّصاف أهلها به وانتشاره منها، وفي خبرٍ: «والذي نفسي بيده إنَّ تربتها لمؤمنةٌ»، وفي آخر: «إنَّها المكتوبةُ (٣) في التَّوراة مؤمنةٌ»، ومُبَارَكةٌ لأنَّ الله تعالى بارك فيها بدعائه لها (٤) وحلوله فيها، والمختارة لأنَّ الله تعالى اختارها للمختار من خلقه، والمحفوظة لحفظها من الطَّاعون والدَّجَّال وغيرهما، ومدخل صدقٍ، والمرزوقة؛ أي: المرزوق أهلها، والمسكينة، نُقِل عن التَّوراة -كما مرَّ- ورُوِي مرفوعًا: «إنَّ الله تعالى قال للمدينة: يا طيبة، يا طابة، يا مسكينة، لا تقبلي الكنوز (٥)، أرفع أجاجيرك على أجاجير القرى»، والمسكنة: الخضوع والخشوع (٦) خلقه الله تعالى فيها، أو هي مسكن الخاشعين، أسأل الله تعالى (٧) العظيم (٨)، بوجاهة وجهه الوجيه، ونبيِّه النَّبيه، عليه أفضل الصَّلاة والتَّسليم (٩)، أن يجعلني من ساكنيها المقرَّبين، حيًّا وميتًا، إنَّه جابر المنكسرين، وواصل المنقطعين، ومنها المُقدَّسة لتنزُّهها عن الشِّرك وكونها تنفي الذُّنوب،


(١) «السَّيِّد»: ليس في (د).
(٢) في (د): «بخلقه».
(٣) في غير (س): «المكتوبة»، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.
(٤) «لها»: ليس في (د).
(٥) في غير (د): «الكفور»، والمثبت موافقٌ لما في «الفتح».
(٦) «والخشوع»: ليس في (ص).
(٧) «تعالى»: مثبتٌ من (ص) و (م).
(٨) «العظيم»: ليس في (د).
(٩) في غير (ص) و (م): «والسَّلام».

<<  <  ج: ص:  >  >>