للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال في «المصابيح»: وفي كلام القرطبيِ إشعارٌ ما (١) بأنَّ رواية البخاريِّ ليست بتاء الخطاب. انتهى. وقد ثبت (٢) بتاء الخطاب، فلا عبرة بما يشعِره كلام القرطبيِّ.

(عَلَى خَيْرِ مَا كَانَتْ) من العمارة وكثرة الأثمار (٣) وحسنها، وفي «أخبار المدينة» لعمر بن شَبَّة: أنَّ ابن عمر أنكر على أبي هريرة (٤) قوله: «خير ما كانت»، وقال: إنَّما قال : «أعمر ما كانت» وأنَّ أبا هريرة صدَّقه على ذلك (لَا يَغْشَاهَا) بالغين المعجمة: لا يسكنها (إِلَّا العَوَافِ) بفتح العين المهملة والواو آخره (٥) فاءٌ من غير ياءٍ، جمع عافيةٍ: التي تطلب أقواتها، ولأبي ذرٍّ: «إلا عوافي» بحذف «أل» وبالمُثنَّاة التَّحتيَّة بعد الفاء (-يُرِيدُ عَوَافِيَ السِّبَاعِ وَالطَّيْرِ-) بنصب ياء «عوافي»، قال القاضي عياضٌ: هذا جرى في العصر الأوَّل وانقضى، وقد تُرِكت المدينة على (٦) أحسن ما كانت حين انتقلت الخلافة منها إلى الشَّام، وذلك خيرُ ما كانت للدِّين لكثرة العلماء بها، وللدُّنيا لعمارتها واتِّساع حال أهلها، وذكر الإخباريُّون في بعض الفتن التي جرت في المدينة (٧): أنَّه رحل عنها أكثر النَّاس وبقيت أكثر ثمارها للعوافي، وخلت مدَّةً، ثمَّ تراجع النَّاس إليها، وقال النَّوويُّ: المختار أنَّ هذا التَّرك يكون في آخر الزَّمان عند قيام السَّاعة، ويوضِّحه قصَّة الرَّاعِيَين، فقد وقع عند مسلمٍ: «ثمَّ يُحشَر راعيان»، وفي «البخاريِّ»: «أنَّهما آخر من يُحشَر» [خ¦١٨٧٤] وقال أبو عبد الله الأبيُّ: وهذا لم يقع، ولو وقع لتواتر، بل الظَّاهر أنَّه لم يقع بعد، ودليل المعجزة يوجب القطع بوقوعه في المستقبل إن صحَّ الحديث، وأنَّ الظَّاهر أنَّه بين يدي نفخة الصَّعق كما يدلُّ عليه موت الرَّاعِيَين. انتهى. ومراده بالرَّاعِيين المذكوران (٨) في قوله: (وَآخِرُ مَنْ يُحْشَرُ) بضمِّ أوَّله وفتح ثالثه؛ أي: آخر من يموت فيُحشَر لأنَّ الحشر بعد الموت، ويحتمل أن يتأخَّر حشرهما لتأخُّر موتهما، ويحتمل أنَّ آخر من يُحشَر إلى


(١) «ما»: ليس في (د).
(٢) في (د): «ثبتت».
(٣) في (د): «وكثرة الأشجار»، وفي غير (س): «وكثرة الأثمار».
(٤) زيد في (د): «في».
(٥) في غير (د) و (س): «وآخره».
(٦) زيد في غير (د): «ما»، وليس بصحيحٍ.
(٧) في (د): «بالمدينة».
(٨) في (د): «المذكورين»، وليس بصحيحٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>