للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بأهله بأسًا في سيره مسرعًا إلى الرخاء والأمصار المفتتحة، وفي رواية ابن خزيمة من طريق أبي معاوية عن هشام بن عروة في هذا الحديث ما يؤيِّده، ولفظه: «تُفتَح الشَّام (١) فيخرج النَّاس إليها يبسُّون، والمدينة خيرٌ لهم لو كانوا يعلمون»، ويوضِّح ذلك حديث جابر عند البزَّار مرفوعًا: «ليأتينَّ على أهل المدينة زمانٌ ينطلق النَّاس منها إلى الأرياف يلتمسون الرَّخاء فيجدون رخاءً، ثمَّ يتحمَّلون بأهليهم إلى الرَّخاء، والمدينة خيرٌ لهم لو كانوا يعلمون»، وقال المنذريُّ: رجاله رجال الصَّحيح، والأرياف: جمع رِيفٍ-بكسر الراء-: وهو ما قارب المياه في أرض العرب، وقيل: هو الأرض التي فيها الزَّرع والخصب، وقيل: غير ذلك.

(وَتُفْتَحُ الشَّأْمُ) بضمِّ أوَّله مبنيًّا لِمَا لم يُسَمَّ فاعله (٢)، وسُمِّي بالشَّام لأنَّه عن شمال الكعبة (فَيَأْتِي قَوْمٌ يَُبُِسُّونَ) بفتح أوَّله وضمِّه وكسر الموحَّدة وضمِّها (فَيَتَحَمَّلُونَ) من المدينة (بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ) من النَّاس راحلين إلى الشَّام (وَالمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ) منها؛ لِمَا ذكر (لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) بفضلها، فالجواب محذوفٌ كما في السَّابق واللَّاحق، دلَّ عليه ما قبله، وإن كانت «لو» بمعنى «ليت» فلا جواب لها، وعلى كلا (٣) التَّقديرين ففيه تجهيلٌ لمن فارقها لتفويته على نفسه خيرًا عظيمًا (وَتُفْتَحُ العِرَاقُ، فَيَأْتِي قَوْمٌ يَبِسُّونَ فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ) من المدينة (وَمَنْ أَطَاعَهُمْ) من النَّاس، راحلين إلى العراق (وَالمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ) من العراق (لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) والواو في قوله: «والمدينة» في الثَّلاثة للحال، وهذا من أعلام نبوَّته حيث أخبر بفتح هذه الأقاليم، وأنَّ الناس يتحمَّلون بأهاليهم ويفارقون المدينة، فكان ما قاله على التَّرتيب المذكور في الحديث، لكن في حديث عند مسلمٍ وغيره: «تُفتَح الشَّام، ثمَّ اليمن، ثمَّ العراق»، والظَّاهرُ أنَ اليمن فُتِح (٤) قبل فتح (٥) الشَّام للاتِّفاق على أنَّه لم يُفتَح شيءٌ من الشَّام في حياته ، فتكون رواية تقديم الشَّام على اليمن معناها استيفاء فتح اليمن إنَّما كان بعد الشَّام، وأمَّا قول المظهريِّ: إنَّه


(١) في (س): «الشَّأم»، وكذا في المواضع اللَّاحقة.
(٢) في (ص): «مبنيًّا للمفعول».
(٣) «كِلَا»: ليس في (ص) و (م).
(٤) في (ص): «تُفتَح».
(٥) «فتح»: مثبتٌ من (ب) و (س).

<<  <  ج: ص:  >  >>