وَالعَفَافِ) ولم يُعرِّج هِرَقْلُ على الدَّسيسة التي دسَّها أبو سفيانَ، وسقط هنا إيراد تقرير (١) السُّؤال العاشر، والذي بعده جوابه، وثبت ذلك جميعه في «الجهاد»[خ¦٢٩٤١] كما سيأتي إن شاء الله تعالى، ثمَّ قال هِرَقْلُ لأبي سفيانَ:(فَإِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا) لأنَّ الخبر يحتمل الصِّدق والكذب (فَسَيَمْلِكُ) أي: النَّبيّ ﷺ(مَوْضِعَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ) أرض بيت المقدس، أو أرض ملكه (وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ) أي: النَّبيَّ ﷺ(خَارِجٌ) قاله لِمَا عنده من علامات نبوَّته ﵊ الثَّابتة في الكتب القديمة، وفي رواية «سورة آل عمران»: «فإن كان ما تقول حقًّا فإنَّه نبيٌّ»[خ¦٤٥٥٣] وفي «الجهاد»: و «هذه صفة نبيٍّ»[خ¦٢٦٨١] ووقع في «أمالي المحامليِّ» رواية الأصبهانيِّين من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن أبي سفيان: أنَّ صاحب بصرى أخذه وناسًا معه في تجارةٍ، فذكر القصَّة مُختصَرةً دون الكتاب، وزاد في آخرها: قال: فأخبرني هل تعرف صورته إذا رأيتها؟ قلت: نعم، قال: فأُدْخِلْتُ كنيسةً لهم فيها الصُّور فلم أره، ثمَّ أُدْخِلْتُ أخرى فإذا أنا بصورة محمَّدٍ وصورة أبي بكر (لَمْ) بإسقاط الواو، ولابن عساكر في نسخةٍ:«ولم»(أَكُنْ أَظُنُّ أَنَّهُ مِنْكُمْ) أي: من قريشٍ (فَلَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَنِّي) وسقطت «أنِّي» الأولى في نسخةٍ، ولأبي الوقت:«أنَّني»(أَخْلُصُ) بضمِّ اللَّام، أي: أَصِلُ (إِلَيْهِ لَتَجَشَّمْتُ) بالجيم والشِّين المُعجَمة، أي: لَتَكَلَّفْتُ (لِقَاءَهُ) على ما فيه من المشقَّة، وهذا التَّجشُّم -كما قاله ابن بطَّالٍ- هو الهجرة، وكانت فرضًا قبل الفتح على كلِّ مسلمٍ، وفي مُرْسَل ابن إسحاقَ عن بعض أهل العلم: أنَّ هرقل قال: ويحك، والله؛ إنِّي لَأعلمُ أنَّه نبيٌّ مُرسَلٌ، ولكنِّي أخاف الرُّوم على نفسي، ولولا ذلك لاتَّبعته، ونحوه عند «الطَّبرانيِّ» بسندٍ ضعيفٍ: فقد خاف هِرَقْلُ على نفسه أن تقتله الرُّوم كما جرى لغيره، وخفي عليه قوله ﷺ الآتي:«أَسْلِمْ تَسْلَمْ» فلو حمل الجزاء على عمومه في الدَّارين لَسَلِمَ لو أسلم من جميع المخاوف (وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ) أي: النَّبيَّ ﷺ(لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمَيهِ) ما لعلَّه يكون عليهما، قاله مبالغةً في الخدمة، أو لَأزلته عنهما؛ كقوله تعالى: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ﴾ [النور: ٦٣] قال الزَّمخشريُّ: أي: الذين يصدُّون عن أمره، وقال غيره: عُدِّيَ