للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

القدسيَّة (١) أعلى المقامات السَّنيَّة، وإنَّما كان الخُلُوف أطيب عند الله من ريح المسك لأنَّ الصَّوم من أعمال السِّرِّ التي بين الله تعالى وبين عبده، ولا يطَّلع على صحَّته غيره، فجعل الله رائحة صومه تنمُّ عليه في المحشر بين النَّاس، وفي ذلك إثباتُ الكرامة والثَّناء الحسن له، وهذا كما قال في المُحْرِم [خ¦١٢٦٥] «فإنَّه يُبعَث يوم القيامة ملبِّيًا»، وفي الشَّهيد: «يُبعَث وأوداجه تشخب دمًا تشهد له بالقتل في سبيل الله، ويُبعَث الإنسان على ما عاش عليه»، قال السَّمرقنديُّ: يُبعَث الزَّامر وتتعلَّق زمَّارته في يده (٢)، فيلقيها (٣)، فتعود إليه (٤) ولا تفارقه، ولمَّا كان الصَّائم يتغيَّر فمه بسبب العبادة في الدُّنيا والنُّفوس تكره الرَّائحة الكريهة في الدُّنيا جَعَلَ الله تعالى رائحة فم الصَّائم (٥) عند الملائكة أطيب من ريح المسك في الدُّنيا، وكذا في الدَّار الآخرة، فَمَنْ عَبَدَ اللهَ تعالى وطلبَ رضاه في الدُّنيا فنشأ من عمله آثارٌ مكروهةٌ في الدُّنيا فإنَّها محبوبةٌ له تعالى وطيَّبةٌ عنده لكونها نشأت عن طاعته


(١) في غير (د) و (ص): «المقدسيَّة».
(٢) في (د): «بيده».
(٣) في (ب): «فيقلبها».
(٤) في غير (د) و (س): «عليه».
(٥) في (د): «رائحة فمه».

<<  <  ج: ص:  >  >>