للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

محتجًّا على السِّواك الأخضر: والماء له طعمٌ. انتهى. وقد كره مالكٌ الاستياك بالرَّطب للصَّائم لِمَا يتحلَّل منه، والشَّافعيُّ وأحمد: بعد الزَّوال قال ابن دقيق العيد في ذلك (١): ويحتاج إلى دليلٍ خاصٍّ بهذا الوقت يخصُّ به عموم حديث «الصَّحيحين» [خ¦٨٨٧] «عند كلِّ صلاةٍ»، ورواية النَّسائيِّ وغيره: «عند كلِّ وضوءٍ»، وهو حديث الخُلُوف، وعبارة الشَّافعيِّ: أحبُّ السِّواك عند كلِّ وضوءٍ باللَّيل والنَّهار إلَّا أنِّي أكرهه للصَّائم آخر النَّهار من أجل الحديث [خ¦١٨٩٤] في خُلُوف فم (٢) الصَّائم. انتهى. وليس في هذه العبارة تقييدُ ذلك بالزَّوال فلذا قال الماورديُّ: لم يحدَّ الشَّافعيُّ الكراهة بالزَّوال، وإنَّما ذكر العشيَّ، فحدَّه الأصحاب بالزَّوال. انتهى. واسم العشيِّ صادقٌ بدخول أوَّل النِّصف الأخير من النَّهار، وقيل: لا يُؤقَّت بحدٍّ معيَّنٍ، بل يترَك متى عرف أنَّ تغيُّر فمه ناشئٌ عن الصِّيام، وذلك يختلف باختلاف أحوال النَّاس، وباختلاف بُعْدِ عهده عن الطَّعام (٣) وقرب عهده به لكونه لم يتسحَّر أو تسحَّر، وفرَّق بعض أصحابنا بين الفرض والنَّفل، فكرهه في الفرض بعد الزَّوال، ولم يكرهه في النَّفل لأنَّه أبعد من الرِّياء، وقد أخذ مالكٌ وأبو حنيفة بعموم الحديث استحبابه للصَّائم قبل الزَّوال وبعده، وقال النَّوويُّ في «شرح المُهذَّب»: إنَّه المختار، وقال بعضهم: السِّواك مطهرةٌ للفم فلا يُكرَه كالمضمضة للصَّائم، لا سيَّما وهي رائحةٌ تتأذَّى بها الملائكة، فلا تُترَك هنالك، وأمَّا الخبر ففائدته عظيمةٌ بديعةٌ؛ وهي أنَّ النَّبيَّ إنَّما مدح الخُلُوف نهيًا للنَّاس عن تقذُّر مكالمة الصَّائمين (٤) بسبب الخلوف، لا نهيًا للصُّوَّام عن السِّواك، والله غنيٌّ عن وصول الرَّائحة الطَّيِّبة إليه، فعلمنا يقينًا أنَّه لم يُرِد بالنَّهي استبقاء الرَّائحة، وإنَّما أراد نهيَ النَّاس عن كراهتها، قال: وهذا التَّأويل أَوْلى لأنَّ فيه إكرامًا للصَّائم (٥)، ولا تعرُّض فيه للسِّواك فيُذكَر أو يُتأوَّل.

وحديث الباب قد سبق في «باب الوضوء ثلاثًا ثلاثًا» [خ¦١٥٩].


(١) «في ذلك»: ليس في (د) و (س).
(٢) «فم»: ليس في (د).
(٣) في (ص) و (م): «بالطَّعام».
(٤) في (م): «الصَّائم».
(٥) في (ص) و (م): «للصُّيَّام».

<<  <  ج: ص:  >  >>